قررت لجنة السياسة النقدية للبنك خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس ليصبح 24.00% و25.00% و24.50% على التوالي، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم بنفس المقدار ليصل إلى 24.50%، ويأتي هذا القرار كاستجابة للتطورات الاقتصادية الأخيرة والتوقعات منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.

شوف كمان: خطط وزير السياحة لتوسيع الموسم السياحي في الساحل الشمالي إلى 6 أشهر
أسباب تخفيض سعر الفائدة على الإيداع والإقراض
على الصعيد العالمي، تراجعت توقعات النمو منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى التطورات المتسارعة في سياسات التجارة العالمية والاحتمالات المرتبطة بحدوث مزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، لذا اتبعت العديد من البنوك المركزية في الدول المتقدمة والناشئة نهجًا أكثر حذرًا في إدارة سياساتها النقدية وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن آفاق النمو الاقتصادي والتضخم.
فيما يخص الأسعار العالمية للسلع الأساسية، لا تزال أسعار النفط تتأثر بعوامل من جانب العرض والتوقعات بانخفاض الطلب العالمي، أما أسعار السلع الزراعية الأساسية فقد سجلت تراجعًا أقل حدة نتيجة المخاطر المرتبطة بالمناخ، ورغم تراجع الضغوط التضخمية، إلا أن المخاطر الصعودية لا تزال تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك تفاقم التوترات الجيوسياسية واستمرار الاضطرابات في سياسات التجارة العالمية.
على الصعيد المحلي، تشير المؤشرات الأولية للربع الأول من عام 2025 إلى استمرار تعافي النشاط الاقتصادي، مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 5.0% مقارنة بـ 4.3% في الربع الرابع من عام 2024، وتظهر تقديرات فجوة الناتج أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لا يزال دون طاقته القصوى رغم النمو المستمر، مما يعني أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب ستظل محدودة.
هذا يتماشى مع المسار النزولي المتوقع للتضخم على المدى القصير، المدعوم بالأوضاع النقدية الحالية، ومع ذلك، من المتوقع أن يصل النشاط الاقتصادي إلى طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026، وفيما يتعلق بسوق العمل، شهد معدل البطالة انخفاضًا طفيفًا ليبلغ 6.3% في الربع الأول من عام 2025 مقارنة بـ 6.4% في الربع الرابع من عام 2024.
كما شهد التضخم السنوي انخفاضًا ملحوظًا في الربع الأول من عام 2025، وهو ما يُعزى إلى تراجع حدة الضغوط التضخمية، وفعالية سياسة التقييد النقدي، والأثر الإيجابي لفترة الأساس، بالإضافة إلى التلاشي التدريجي لأثر الصدمات السابقة.
بحلول أبريل 2025، استقر المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي عند 13.9% و10.4% على التوالي، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى اعتدال التطورات الشهرية للتضخم نتيجة انخفاض أسعار السلع الغذائية، مما ساهم في تقليل تأثير ارتفاع تضخم السلع غير الغذائية بسبب تحركات الأسعار المحددة إداريًا.
مقال له علاقة: البنك المركزي يسجل صافي ربح قياسي يبلغ 150.05 مليار جنيه حتى مارس 2025
نظرًا لأن الضغوط الناجمة عن هذه التحركات ذات طبيعة مؤقتة، استمر التضخم الضمني في اتخاذ مسار نزولي منذ بداية العام، ليقترب تدريجيًا من مستواه المتسق مع مستهدف البنك المركزي للربع الرابع من 2026.
يشير تباطؤ التضخم العام والأساسي، بالإضافة إلى تراجع التضخم الضمني، إلى تحسن توقعات التضخم، لذا من المتوقع أن يواصل المعدل السنوي للتضخم العام تراجعه خلال الفترة المتبقية من عام 2025 وعام 2026، غير أن إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المُنفّذة والمقررة في عام 2025، بالإضافة إلى الثبات النسبي لتضخم السلع غير الغذائية، قد تؤدي إلى إبطاء وتيرة هذا الانخفاض.
من الجدير بالذكر أن حدة المخاطر الصعودية المحيطة بآفاق التضخم قد تراجعت مقارنة باجتماع لجنة السياسة النقدية في أبريل، وذلك في ضوء تراجع حدة التوترات التجارية، وتطورات سعر الصرف الحالية، وعودة مؤشر المخاطر إلى مستواه المعتاد، مما يتيح مواصلة دورة التيسير النقدي التي بدأت في الاجتماع السابق للجنة، ومع ذلك، فإن المخاطر الصعودية لا تزال قائمة، وتشمل الآثار الناجمة عن السياسات التجارية الحمائية عالميًا، وتصاعد الصراعات الإقليمية، وتجاوز آثار ضبط أوضاع المالية العامة التوقعات.
استنادًا إلى الأوضاع النقدية الحالية، ترى لجنة السياسة النقدية أن خفض أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس يحقق التوازن بين التحوط من المخاطر السائدة والحيز المتاح للمضي قدمًا في دورة التيسير النقدي، مع دعم المسار النزولي للتضخم خلال الأفق الزمني للتوقعات.
ستواصل اللجنة تقييم قراراتها بناءً على كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات، وستستمر اللجنة في متابعة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى المعدل المستهدف البالغ 7% (±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.