أفادت صحيفة هآرتس العبرية في تقريرها المطول، أنه منذ بدء الحرب على غزة، انتحر ما لا يقل عن 35 جندياً في الخدمة النظامية، حيث كان العديد منهم قد تم تشخيصهم مسبقاً بمشكلات نفسية خطيرة، مثل اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، قبل استدعائهم الأخير للخدمة.

من نفس التصنيف: تعطل أنظمة الدفع الإلكتروني في إسرائيل نتيجة هجوم سيبراني مفاجئ
أزمات صامتة تضرب صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي
وأشار التقرير إلى أن الجيش يتجنب فحص الحالة النفسية للجنود، ورغم أن التعليمات العسكرية تلزم الجنود بالإبلاغ عن أي تطور طبي، بما في ذلك النفسي، إلا أن معظمهم إما لا يعرفون بهذه التعليمات أو لا يرغبون في الالتزام بها.
كما أظهر التحقيق أن هناك مئات أو حتى آلاف الجنود الذين يعانون من صدمات نفسية، والذين تواصلوا مع وزارة الدفاع، تم استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية خلال التعبئة الأخيرة استعداداً للهجوم العسكري الجديد في قطاع غزة، ومع ذلك، لا توجد أرقام دقيقة عن هؤلاء الجنود بسبب ما وصفه التقرير بأنه نقص مروّع، وأحياناً عبثي، في التنسيق بين وزارة الدفاع والجيش.
ووفقًا للتقرير، فإن حوالي 9 آلاف جندي تم الاعتراف بهم من قبل وزارة الدفاع كمصابين نفسيًا نتيجة الحرب الحالية، لكن الجيش اعترف بأنه لا توجد قائمة شاملة بجميع الجنود المصابين نفسيًا، بما في ذلك الذين شاركوا في حروب سابقة.
أدى النقص الحاد في القوى البشرية داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تجاهل القادة العسكريين لمشكلات الجنود النفسية، حيث نقل التقرير عن قائد كتيبة مدرعة قوله: الناس ببساطة لا يأتون، إنهم مرهقون ويواجهون مشكلات في منازلهم وأعمالهم، لذا نحن نستدعي آخرين حتى وإن لم يكونوا في كامل لياقتهم
اقرأ كمان: اعترافات مثيرة لجنود الاحتلال عن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة والضفة
وأضاف القائد: لا يوجد ما يمكن فعله، الأمن القومي يأتي أولاً، ونعمل بالإمكانيات المتاحة، وإذا اكتشفت حالة متطرفة، بالطبع أتواصل مع أخصائي اجتماعي أو أُفرج عنه، لكن بصراحة، لا يمكنك دائمًا التمييز، لقد حدث بالفعل أنني لم ألاحظ معاناة بعض الجنود، وكانت النتيجة مأساوية
وذكر التقرير أن بيانات الجيش لا تشمل الجنود الذين أقدموا على الانتحار بعد انتهاء خدمتهم الفعلية.
وفقًا لـ هآرتس، انتحر 10 جنود بعد تسريحهم، وكانوا يعانون من اضطرابات نفسية ناجمة عن خدمتهم العسكرية، بحسب عائلاتهم، بعضهم تم الاعتراف بهم كضحايا صدمات نفسية قبل وفاتهم، بينما البعض الآخر لم يتم الاعتراف به، أربعة منهم خدموا في غزة.
من بين الحالات التي سلط عليها التقرير الضوء، جندي تم استدعاؤه في 8 أكتوبر 2023، بعد يوم واحد من هجوم طوفان الأقصى، وخدم كمسعف قتالي في خان يونس لعدة أشهر، وقد حاول الانتحار عدة مرات خلال خدمته الإلزامية، لكن لم يكن أحد على دراية بذلك عند استدعائه للاحتياط.
بعد جولته الأولى في الاحتياط، تلقى رعاية نفسية مكثفة وتم الاعتراف به كمصاب بالحرب، لكنه عاد مجددًا للخدمة دون أن يُسأل أحد عن حالته النفسية، وخلال إجازته، اتصل بقائده وأبلغه بتدهور حالته النفسية وطلب تسريحه، وافق القائد على طلبه وأبلغه بأنه سيُفرج عنه فور عودته إلى القاعدة، لكن الجندي، البالغ من العمر 25 عامًا، أقدم على الانتحار بسلاحه قبل عودته.
الحالة الأخرى كانت لإيليران مزراحي، الذي استُدعي للاحتياط بعد السابع من أكتوبر، وعُهد إليه في البداية بمهمة جمع جثث القتلى في مهرجان نوفا، قبل أن يُرسل إلى غزة كمهندس قتالي، حيث أصيب في أبريل 2024، وتم الاعتراف به كجندي معاق نفسيًا، لكنه تلقى لاحقًا أمرًا بالتوجه إلى الخدمة في رفح، وقبل يومين من موعد التحاقه، انتحر.
ومن بين الشهادات الأخرى، تحدث الجندي أمير بنيام، الذي شارك أيضًا في التعامل مع جثث ضحايا هجوم طوفان الأقصى، ويعاني من اضطراب نفسي حاد، وتم الاعتراف به كمعاق نفسي من قبل وزارة الدفاع، ورغم ذلك، تواصل الجيش معه في يناير الماضي لاستدعائه للخدمة الاحتياطية في أبريل، وعندما أخبرهم بحالته النفسية، أصر الجيش على التحاقه، حيث قالت له الموظفة إنها لا تريد الجدال، وأكدت أنه مطلوب كأي جندي احتياط آخر.
أوصى أحد الخبراء بأن يُطلب من جميع الجنود ملء استبيان حول أعراض اضطراب ما بعد الصدمة قبل استدعائهم للاحتياط، معتبرًا أن من تواصلوا مع الجهات المختصة لا يمثلون سوى نقطة في بحر، غير أن مصدرًا في مديرية شؤون الأفراد بالجيش أشار إلى أن مثل هذه التوصيات طُرحت من قبل، لكنها واجهت رفضًا من قادة كبار، موضحًا أن الجيش بحاجة ماسة إلى جنود مقاتلين لتنفيذ المهام الموكلة إليه من قبل القيادة السياسية، وأن القادة يخشون من أن يؤدي فحص الحالة النفسية للجنود إلى نقص حاد في القوة البشرية
.