نشر موقع middleeastmonitor اليوم الأحد 25 مايو، تفاصيل وثائق تشير إلى أن لندن تجاهلت الضغوط الإسرائيلية لإنقاذ مبارك خلال أزمته الاقتصادية الحادة.

اقرأ كمان: إلغاء شهادات الحلال للألبان يساهم في تخفيض الأسعار لصالح المواطن وفقًا لمتحدث الحكومة
توضح الوثائق أنه في صيف عام 1986، بينما كانت مصر تعاني من واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، سافر الرئيس المصري الراحل حسني مبارك بشكل عاجل في جولة أوروبية شملت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في محاولة أخيرة لتليين موقف صندوق النقد الدولي الذي اشترط إصلاحات صارمة مقابل مساعدات مالية.
لكن ما لم يكن معلنًا في ذلك الوقت، هو ما كشفت عنه الوثائق السرية البريطانية التي أُفرج عنها مؤخرًا، حيث كانت إسرائيل تمارس ضغوطًا خلف الكواليس، مطالبة لندن بمساعدة مبارك، خشية من انهيار حليفها الاستراتيجي في القاهرة وما قد يتبعه من اضطرابات في الشرق الأوسط.
وحسب تقرير اقتصادي سري أُعد لرئيسة الوزراء البريطانية آنذاك، مارغريت تاتشر – وفقًا للوثائق – كان الوضع الاقتصادي المصري على وشك الانهيار، حيث تجاوز التضخم 30٪، وبلغ الدين الخارجي 50 مليار دولار (150% من الناتج المحلي، واحتياطيات العملة الصعبة كانت تكفي لعدة أيام فقط من الاستيراد).
تشير الوثائق إلى أن مبارك – الذي لم يمضِ على توليه السلطة سوى 5 سنوات في ذلك الوقت – أرسل إشارات استغاثة إلى العواصم الغربية، مؤكدًا أن شروط صندوق النقد “تهدد الاستقرار الداخلي” وقد تؤدي إلى “اضطرابات مشابهة لانتفاضة الخبز عام 1977”.
إسرائيل تتدخل
وفي واحدة من أكثر اللحظات دراماتيكية، كشفت الوثائق أن مستشار شمعون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، اتصل في منتصف الليل بمكتب تاتشر، طالبًا منها أن تكون “مرنة قدر الإمكان” مع مبارك خلال زيارته، لأن “مصر تمثل حجر الأساس في السلام الإقليمي”، ولأن “زعامة مبارك الشجاعة تستحق الدعم”.
تشير الوثائق أيضًا إلى أن إسرائيل كانت ترى في مبارك امتدادًا لاستراتيجية أنور السادات بعد اتفاقية كامب ديفيد، وكانت تخشى أن تؤدي الضغوط الاقتصادية إلى تصاعد الإسلاميين أو انهيار النظام، مما قد يهدد عقودًا من التفاهم الأمني بين القاهرة وتل أبيب.
اقرأ كمان: جلسات البرلمان الأحد المقبل تناقش قانون تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي
لكن ردّ تاتشر، وفقًا للوثائق، كان رافضًا وحاسمًا، حيث قالت نصًا: لا يجب أن نعطيه الانطباع بأننا قادرون على انتشاله من الأزمة… عليه أن يواجه الإصلاح بشجاعة
كانت تاتشر ترى – كما أشارت التقارير الداخلية – أن أي دعم غير مشروط “سيكون تصرفًا غير حكيم”، وأن الضغط من أجل إصلاحات اقتصادية مؤلمة “هو السبيل الوحيد لعودة الاستقرار”.
بل أكدت تاتشر على ضرورة “وضع أهداف صعبة” لمصر، مع بعض المرونة في التنفيذ، ولكن دون أن يُفهم أن الغرب سيتساهل مع الفوضى المالية في القاهرة.
تشير التقارير إلى أن مبارك – خلال لقائه بتاتشر – حذر من أن تنفيذ توصيات صندوق النقد سيقود إلى “فوضى اجتماعية”، وأن المصريين “يحتاجون أن يأكلوا أولًا”، وأن وتيرة الإصلاح يجب أن تراعي الواقع السياسي المعقد.
ومع أن تاتشر أعربت عن “تفهمها” لأوضاع مصر، إلا أنها رفضت التدخل المباشر في موقف ممثلي بريطانيا داخل صندوق النقد، واكتفت بإبداء “التعاطف من بعيد”.
في تلك الفترة، كانت مصر تعيش حالة من التوتر الشديد، حيث تعرض عدد من الدبلوماسيين الإسرائيليين في القاهرة لاعتداءات من تنظيم عُرف باسم “ثورة مصر”، بالإضافة إلى تصاعد السخط الشعبي بسبب الغلاء ونقص الخدمات.