زيادة أعداد الطلاب الوافدين وتعزيز التعاون مع الصين.. رئيس قطاع البعثات بالتعليم العالي يكشف خطط منع هجرة العقول في حوار مميز
مع اقتراب نهاية العام الدراسي الحالي، تستعد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ممثلة في قطاع الشؤون الثقافية والبعثات، لاستقبال الطلاب الوافدين في الجامعات المصرية، حيث تسعى مصر من خلال استراتيجية متكاملة لجذب الطلاب الدوليين لتكون مركزًا رائدًا في التعليم العالي بالشرق الأوسط.

ممكن يعجبك: القليوبية الأزهرية تحقق المركز السابع في مسابقة تحدي القراءة العربي على مستوى الجمهورية
وفي هذا السياق، أجرينا حوارًا مع الدكتور أيمن فريد، القائم بأعمال رئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات بالوزارة، ومساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، الذي كشف عن خطط الوزارة لزيادة أعداد الطلاب الوافدين وموقفها من سفر الطلاب وبعثات المصريين.
وأوضح فريد خلال حواره مع أحداث اليوم، أن الوزارة تخطط للتعاون مع الجامعات الصينية، بالإضافة إلى توجيه اهتمام خاص للقارة الإفريقية، مؤكدًا أن مصر تدعم التبادل العلمي لكنها ترفض هجرة العقول
وإلى نص الحوار..
في البداية، كم عدد الطلاب الوافدين في مصر حاليًا، وما هو العدد المستهدف لهذا العام؟
تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد الطلاب الوافدين في مصر يبلغ حوالي 30 ألف طالب، وهو رقم يعكس تطورًا ملحوظًا مقارنة بالأعوام السابقة، في ظل الجهود المستمرة لتعزيز جاذبية التعليم المصري للطلاب الدوليين.
تستهدف وزارة التعليم العالي خلال العام الحالي تحقيق زيادات جديدة في أعداد الطلاب الوافدين، خاصة من الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة، مما يعكس الثقة في جودة التعليم المصري، كما تسعى الوزارة لرفع جودة المنح المقدمة من خلال البرنامج المصري للمنح وتوجيهها للطلاب المتفوقين في التخصصات المهمة، بما يعزز مكانة مصر التعليمية إقليميًا ودوليًا.
ما هي أهداف مصر من التوسع في جذب الطلاب الوافدين؟
تعمل الوزارة على تعزيز صورتها التعليمية من خلال استقطاب الطلاب الذين يختارون الدراسة في مصر على نفقتهم الخاصة، مما يعكس ثقة هؤلاء في المنظومة التعليمية، كما نركز على تقديم منح للطلاب المتفوقين الذين يمكنهم تمثيل مصر كسفراء للتعليم في بلدانهم، إذ تقدم مصر منحًا للطلاب من خلال البرنامج المصري للمنح.
تهدف مصر أيضًا إلى تحقيق وجود أكاديمي في مناطق متعددة حول العالم، خاصة في إفريقيا وآسيا، عبر برامج دراسية متعددة اللغات، أبرزها الفرنسية، وكذلك من خلال الشراكات الأكاديمية مع جامعات كبرى في الهند واليابان، مما يسهم في توسيع الانتشار الدولي للتعليم المصري.
وهل هناك إقبال على المنح الدراسية للطلاب الوافدين؟ وكيف يتم توزيعها؟
شهدت المنح الدراسية المقدمة من خلال برنامج المنح المصري إقبالًا واسعًا خلال السنوات الأخيرة، رغم أن عددها انخفض نسبيًا، وذلك بهدف رفع جودتها واستهداف التخصصات ذات الأولوية، ويتم تقديم المنح من خلال منصة إلكترونية، وفقًا لمعايير واضحة تضمن أن تذهب للطلبة المستحقين.
تشكل المنح الدراسية حاليًا نحو 35 إلى 40% من إجمالي عدد الطلاب الوافدين في مصر، فيما يدرس الباقون على نفقتهم الخاصة، وتهدف الوزارة إلى الحفاظ على هذه النسبة مستقبلًا بحيث يكون نحو ربع الطلاب على منح، وثلاثة أرباع على تمويل ذاتي، ونبحث أيضًا عن الطلاب الذين يدرسون البرامج العلمية المهمة لمصر ولدولهم.
وكيف يتم الترويج الدولي للبرامج الدراسية المصرية؟
مقال له علاقة: إرشادات هامة من المدارس لحماية الطلاب بعد زلزال اليوم
تعتمد الوزارة على عدة آليات لترويج التعليم المصري دوليًا، أبرزها الطلاب الوافدون الذين ينقلون تجاربهم الإيجابية لزملائهم في بلدانهم.
تشارك الجامعات المصرية أيضًا في معارض تعليمية دولية في فرنسا والهند والسويد وغيرها، بهدف عرض البرامج الجديدة والمتميزة.
إلى جانب ذلك، تلعب المواقع الإلكترونية وحملات التسويق الرقمي دورًا كبيرًا، إضافة إلى الشراكات مع جامعات عالمية مرموقة مثل لويفيل وأريزونا، مما يعزز صورة مصر التعليمية على الساحة العالمية، ويجعل برامجها الأكاديمية أكثر جذبًا للطلاب من الخارج.
وكيف يتم التواصل مع العلماء المصريين في الخارج ودعمهم؟
نولي اهتمامًا كبيرًا بالعلماء المصريين في الخارج، ونعمل على تعزيز التواصل معهم عبر مبادرة “جسور” التي أطلقتها أكاديمية البحث العلمي، كما تلعب المكاتب الثقافية المصرية في الخارج دورًا رئيسيًا في التواصل مع المبعوثين والعلماء المصريين.
تنسق الوزارة أيضًا مع مراكز بحثية وهيئات تمويل علمي لتوفير فرص تعاون مشترك مع العلماء بالخارج، من خلال تنظيم برامج تبادل علمي للطلاب وأعضاء هيئة التدريس، مما يعزز من تبادل الخبرات والاحتكاك بالبيئات الأكاديمية الدولية.
للعلماء المصريين بالخارج دور كبير في البرامج العلمية المختلفة التي تقدمها، كما يساهم العلماء في نقل الطلاب المصريين في رحلات علمية وبرامج دراسية بالخارج.
وما هي رؤية الوزارة للتوسع في برامج البعثات قصيرة المدى؟
تسعى الوزارة لتوسيع قاعدة المشاركين في البعثات العلمية قصيرة المدى، مثل زيارات بحثية أو تدريبية تمتد من 3 إلى 6 أشهر، بهدف تعميق الاحتكاك الدولي بين المعيدين والمدرسين المساعدين والباحثين المصريين مع الجامعات العالمية، كما تقدم الوزارة بعثات لدراسة الماجستير في الخارج.
تمثل هذه البعثات فرصة للاطلاع على المعامل والمكتبات وثقافات الدول الأخرى، وتأتي ضمن رؤية شاملة لتوسيع قاعدة الباحثين المصريين الذين يمتلكون خبرات دولية.
وما هي التخصصات التي تركز عليها المنح الدراسية في الوقت الحالي؟
تركز المنح على التخصصات المستقبلية ذات الأولوية، مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، علوم البيانات، الطاقة، والتخصصات البينية مثل الطب والهندسة، والفيزياء والرياضيات المتقدمة، كما تولي الوزارة اهتمامًا كبيرًا ببرامج مثل التصنيع المتقدم والهندسة الطبية والزراعة الذكية.
هذا التوجه يعكس سعي الدولة لتكوين كوادر علمية قادرة على الإسهام في تطوير العلوم والصناعة والاقتصاد، وخلق مدارس علمية مصرية متقدمة قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
وهل مصر تشجع على التبادل العلمي من خلال سفر الطلاب أم أن هناك تخوفًا من هجرة العقول؟
تدعم الدولة المصرية مفهوم التبادل العلمي، وترى فيه ضرورة لتطوير القدرات البحثية والأكاديمية للعلماء والباحثين، وتشجع سفر العلماء للدراسة والتدريب، طالما أنهم يحافظون على علاقة مستمرة مع المؤسسات المصرية ويشاركون في مشروعات تعاون علمي.
أما هجرة العقول بمعناها السلبي، أي الانفصال الكامل عن الوطن، فهو ما تسعى الدولة لتقليله عبر توفير فرص علمية داخل مصر، من خلال افتتاح أفرع لجامعات دولية وجذب برامج أكاديمية رفيعة المستوى إلى الجامعات الحكومية والخاصة.
لدينا العديد من الطلاب المصريين بالخارج بعضهم في مناطق صراع، هل تتابع الوزارة هؤلاء الطلاب؟
بالفعل، الوزارة ترصد وتتابع الطلاب المصريين في الخارج، ولديها قاعدة بيانات للطلاب الدارسين بالخارج وتهتم بالبرامج التي يدرس بها الطلاب، كما تتابع الأزمات التي يمر بها الطلاب في الخارج بما فيها أزمات دول الصراع.
وما هي خطة الوزارة لتطوير المكاتب الثقافية المصرية في الخارج؟
نعمل على تنفيذ التوجيهات الرئاسية فيما يخص تطوير المكاتب الثقافية، وتولي الوزارة تطوير المكاتب الثقافية أولوية قصوى، بتوجيه من وزير التعليم العالي، ويجري حاليًا العمل على دمج المكاتب ضمن تكتلات إقليمية تشمل دول إفريقيا، وشرق أوروبا، وغرب أوروبا، وآسيا وأمريكا، وذلك لتوحيد الجهود وتحسين الأداء.
كما يتم تطوير أداء المستشارين الثقافيين والملحقين الإداريين، وتوسيع دور المكاتب في الترويج للتعليم المصري، وجذب الطلاب الوافدين، والتنسيق مع الجامعات الأجنبية، بما يعزز من دور المكتب الثقافي كقوة ناعمة للدولة في الخارج.
وهل هناك دول جديدة تدخل ضمن شراكات استراتيجية مع التعليم المصري؟
نعم، تسعى مصر لفتح شراكات استراتيجية جديدة مع عدد من الدول، على غرار ما جرى مع فرنسا بحضور الرئيس الفرنسي الذي زار جامعة القاهرة، وألمانيا بحضور الرئيس الألماني الذي زار الجامعة الألمانية بالعاصمة الإدارية، وإنجلترا، مؤخرًا، زارت وفود من جامعات بريطانية مرموقة، كما تركز الوزارة على التعاون مع الجامعات الإفريقية وذلك لجذب الطلاب للدراسة في مصر لخدمة القارة من خلال دعم برامج اللغة الفرنسية.
تمثل هذه الشراكات جسورًا ممتدة بين التعليم المصري ونظيره العالمي، وتُسهم في نقل برامج أكاديمية حديثة إلى مصر، إضافة إلى فرص تبادل طلابي وأكاديمي، مما يعزز من التدويل الحقيقي لمنظومة التعليم العالي المصري.
هناك اتجاه في الفترة المقبلة للتعاون مع الدول الأسيوية، وعلى رأسها الصين، حيث نعمل الآن على إعداد شراكة كبرى في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي بجهود من الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي الذي يخطط أن تكون مصر مركز عالمي للتعليم العالي في الشرق الأوسط، لذا بعد فرنسا وبريطانيا وألمانيا هناك تعاون مرتقب مع الصين، إذ سيتم توقيع بروتوكولات تعاون قريبًا.
تحدثت سابقًا عن مراكز التوظيف الجامعية، ما هو المستهدف خلال المرحلة المقبلة؟
نعمل حاليًا على توسيع نطاق مراكز التوظيف لتغطي أكبر عدد ممكن من الجامعات الحكومية، إذ بلغ عددها نحو 39 مركزًا حاليًا، وبدأنا أيضًا في تنفيذ الخطة داخل الجامعات الأهلية والتكنولوجية، المستهدف ليس فقط زيادة العدد، بل أن تكون هذه المراكز فاعلة وقادرة على ربط الطلاب بسوق العمل وتأهيلهم مهنيًا بما يتناسب مع احتياجاته.
فلسفة مراكز التوظيف لا تقوم على التوظيف المباشر، وإنما على تأهيل الطالب وتدريبه على المهارات المطلوبة في سوق العمل، وتعريفه بالفرص المتاحة، وبناء شبكة علاقاته المهنية، هي مراكز تهدف إلى بناء قدرات الطالب المهنية، وتسهيل عملية الانتقال من الدراسة إلى سوق العمل.
وما دور القطاع الخاص في هذا الإطار؟
القطاع الخاص هو شريك رئيسي وأساسي، لا يمكننا تأهيل الطالب للوظائف دون معرفة دقيقة باحتياجات سوق العمل، وهذا ما يوفره التعاون مع رجال الصناعة والشركات، ومن خلال هذا التعاون نحدد المهارات المطلوبة ونصمم البرامج التدريبية بناءً عليها، لضمان توافق مخرجات التعليم مع متطلبات السوق.
بدأنا التواصل مع الجامعات الخاصة، وهناك ما لا يقل عن 10 جامعات خاصة تقدمت بطلبات رسمية للانضمام إلى المنظومة، ونحن بصدد دراسة هذه الطلبات والعمل على تنفيذها بالتنسيق الكامل مع تلك الجامعات، لضمان جودة التنفيذ وتحقيق نفس الأهداف.
حدثنا عن مبادرة “كن مستعدًا”، وما الذي يميزها؟
مبادرة “كن مستعدًا” تُعد نقلة نوعية في العمل على ملف التوظيف، إذ تعمل المراكز الجامعية لأول مرة في شكل تحالفات تضم أكثر من جامعة في كل إقليم، على سبيل المثال، تحالف يضم جامعات القاهرة، عين شمس، حلوان، وبنها، يعمل بشكل مشترك ومنسق، المبادرة تستهدف تنمية مهارات الطلاب في مختلف الأقاليم، من خلال تدريبات موحدة ومتكاملة.
وجرى إطلاق المنصة بالفعل العام الماضي، ونحن الآن في طور تطويرها وتوسيع سعتها التقنية بعد أن شهدت إقبالًا كبيرًا في نسختها الأولى، نستهدف في نسخة 2025 أن تكون المنصة قادرة على خدمة ما يقرب من مليون طالب على مدار العام، وهو رقم طموح لكنه يعكس حجم الجهد المبذول، وسيتم فتح التقدم على مبادرة تأهيل مليون مبتكر خلال أسبوعين من الآن.
هناك تعاون دولي خلال المبادرة مثل منصة كورسيرا، وجيني، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، بالإضافة إلى التعاون مع مراكز في الإمارات، كل هذه الشراكات تؤكد على الثقة الدولية في قدرات الدولة المصرية ورؤيتها المستقبلية لربط التعليم بسوق العمل.
ننتقل إلى ملف فرص العمل في الخارج، وتحديدًا في السوق الألماني والأسواق الأوروبية، هل هناك تحركات فعلية؟
نعم، هناك جهود حقيقية ومستمرة في هذا الملف، بالتنسيق مع وزارة الهجرة، ووزارة الخارجية، ومنظمة العمل الدولية، والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى صندوق تطوير التعليم، نعمل على تحديد المهارات التي تحتاجها تلك الأسواق، ثم تدريب الشباب المصري عليها لتمكينه من الحصول على فرص عمل حقيقية وآمنة في الخارج، وندرس احتياجات الدول الأوروبية من الخريجين وبناءً على ذلك نوصي بتصميم البرامج الدراسية وفقًا لتلك الاحتياجات.