
تواجه الاقتصاديات المحلية والإقليمية والدولية تحديات جديدة نتيجة الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على إيران، الذي بدأ فجر الجمعة الماضية وتلاه سلسلة من الهجمات المتبادلة بين الجانبين، مما يجعل من الصعب التنبؤ بنهاية هذه الأحداث.
وفي استطلاع سريع أجرته جريدة أحداث اليوم بين عدد من رؤساء الشركات من قطاعات متعددة وخبراء اقتصاديين، فرض الغموض نفسه على غالبية التوقعات، ومع ذلك هناك شبه إجماع على أن التداعيات السلبية لهذا الصراع تستدعي اتخاذ مزيد من الإجراءات التحوطية والتحفيزية، خصوصًا على مستوى القطاعات المولدة للنقد الأجنبي مثل السياحة والصادرات والاستثمار المباشر.
مواضيع مشابهة: البنك الزراعي المصري يدعم صغار المربين في الشرقية بتمويل شراء 2000 رأس ماشية
قال إلهامي الزيات، رئيس الصندوق الفرعي للسياحة والاستثمار العقاري وتطوير الآثار التابع لصندوق مصر السيادي، إن مصر جزء من العالم، ومن الطبيعي أن تتأثر سلبًا بالتطورات الإقليمية الجديدة، خاصة مع موقعها الجغرافي في المنطقة.
ورأى أن حركة السياحة الوافدة إلى مصر من أوروبا وأمريكا ستتأثر بشكل كبير في ظل التوترات الأمنية المتزايدة في المنطقة.
وأوضح د. عضو اللجنة الاستشارية المتخصصة للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، أن الاقتصاد العالمي بدأ يشهد بعض التداعيات السريعة، التي تنعكس مباشرة على أسعار المعادن، وخاصة الذهب، فضلاً عن تأثيرها على أسعار النفط وتقلبات مؤشر الخوف، إلى جانب تأثيرها على أسعار العملات، وخاصة الدولار الذي بدأ ينخفض بشكل ملحوظ في سوق العملات، وهو ما لا تشهده مصر.
وتابع: “المشكلة التي تواجه مصر لا تقتصر على إمدادات الغاز وسلاسل التوريد، بل تمتد لتشمل الصدمات التضخمية التي نعاني منها بالفعل منذ فترة، حيث إنها لم تنقطع وتأثرت سلبًا مع رفع أسعار المحروقات في مصر”
وأكد د. نافع أن التدابير يجب أن تكون استباقية، ومن الضروري وجود سياسات لمواجهة التقلبات الدورية، على المستوى المالي والنقدي والتجاري، وألا يتم الاعتماد فقط على السياسات التي تتعامل مع التقلبات من خلال ردود الأفعال.
وقال المهندس شريف الصياد، رئيس إن من المبكر رؤية التداعيات الكاملة للتطورات الإقليمية الأخيرة، ولكن من الملاحظ خلال السنوات الماضية أن أي تداعيات يكون لها تأثير مباشر على النقل البحري.
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الشحن سيؤثر بالتبعية على أسعار جميع المنتجات، بالإضافة إلى أنه في حال زيادة أسعار الخامات المستوردة، سينعكس ذلك على أسعار التصدير.
ووصف خطة الطوارئ ووقف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية بالحكيمة، في ظل عدم ضمان استمرارية استيراد الغاز الطبيعي من الخارج.
مقال له علاقة: توفير الأجهزة التكنولوجية لدعم مجمعات الخدمات الحكومية في قرى حياة كريمة
وقال هاني جنينة، رئيس وحدة البحوث بشركة فاروس لتداول الأوراق المالية، إن مصر كانت لتتأثر نظريًا من خلال ثلاثة طرق، أولها غلق مضيق هرمز، وهو أمر صعب للغاية، والثاني يتمثل في تصعيد الصراع في البحر الأحمر، والذي أصبح مستبعدًا الآن نظرًا لانتقال الصراع إلى إيران، والثالث يكمن في حدوث تخارج كلي من أذون الخزانة المصرية مثل الذي حدث في عام 2022، وهو أمر مستبعد وقد يكون هناك تخارج جزئي طبيعي.
وقال خالد أبو المكارم، رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، إنه من الطبيعي أن تتأثر قطاعات الصناعة والتصدير في جميع الدول، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وأكد على إيمانه بمرونة وقدرة القطاع على التكيف مع التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة.
وأشار أبو المكارم في تصريحات لجريدة أحداث اليوم إلى أنه يتم التعامل مع هذه التحديات بروح من التعاون مع الجهات المعنية، لضمان استمرارية التوريد والتصدير بشكل منتظم.
وتوقع أحمد منصور، نائب رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس مجلس إدارة شركة “أفريكانا لتصدير الحاصلات الزراعية”، أن تسهم الأزمة الإقليمية الحالية في زيادة تكلفة الإنتاج الزراعي نتيجة تقليص إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة بسبب انخفاض معدلات التوريد.
وأوضح منصور أن الحكومة بدأت بالفعل في تقليص كميات الغاز الموجهة لمصانع الأسمدة، بهدف تحقيق التوازن بين احتياجات الصناعة ومتطلبات إنتاج الكهرباء، وأشار إلى أن التوسع في الأسواق الإفريقية، وخاصة في شرق وغرب القارة، يمثل خيارًا استراتيجيًا لتعويض أي انخفاض محتمل في الصادرات إلى أسواق أخرى.
وقال إيهاب رشاد، نائب رئيس مجلس إدارة مباشر هولدنج للاستثمارات المالية، إن أكثر القطاعات المعرضة للتأثر تشمل الخدمات اللوجستية والتوكيلات الملاحية، بالإضافة إلى الأسمنت والأسمدة والكيماويات والسياحة.
ورأى نائب رئيس مجلس إدارة مباشر هولدنج للاستثمارات المالية أن ارتفاع أسعار البترول –الذي شهد قفزة بنسبة 8 إلى 9%– قد يمثل فرصة لبعض القطاعات مثل شركات البتروكيماويات، بينما سيكون عبئًا على قطاعات أخرى تعتمد عليه كمادة إنتاج، مثل الأسمنت والأسمدة.
ورجح رشاد أن تنعكس تلك التوترات بشكل عام على مسار البورصة المصرية خلال الأسبوع الجاري، مشيرًا إلى أن عمق التراجعات مرهون بالتطورات المنتظرة على الصعيد الإقليمي، وهل سيستمر التصعيد بين الطرفين أم سيتم الوصول إلى حلول.
وتوقع ياسر المصري، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة العربي الإفريقي لتداول الأوراق المالية، أن تكون للهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، انعكاسات مباشرة على بيئة الاستثمار في الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر، كونها الدولة الوحيدة تقريبًا المجاورة لدول النزاع دون أن تكون طرفًا مباشرًا فيه.
وأشار المصري في تصريحات لجريدة أحداث اليوم إلى أن التأثير لن يقتصر على مؤشرات البورصة المصرية خلال جلسات الأسبوع الجاري، بل يمتد إلى قطاعاتها، وتحديدًا المعتمدة على الغاز الطبيعي في إنتاجها، نتيجة لتوقف الإمدادات، مشيدًا بالخطوات الاحترازية المبكرة التي اتخذتها الحكومة في هذا الشأن.
ورجح شوكت المراغي، العضو المنتدب لشركة بلتون لتداول الأوراق المالية، أن تنعكس الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران سلبًا على مسار مؤشرات البورصة المصرية وقطاعاتها، مشيرًا إلى أن عمق التأثير غير واضح بسبب السيناريوهات الغامضة.
وقال المراغي في تصريحات لجريدة أحداث اليوم: “نحن محاطون بأزمات في الشرق والغرب والجنوب، وآخرها تطورات قد تؤثر على النقل البحري وأسعار الطاقة مثل إغلاق مضيق هرمز وتوقف خطوط الغاز في إسرائيل، وهي أمور تنعكس حتمًا على الاقتصاد المصري”