
ــ وُلِد في مثل هذا اليوم عام 1929 ورحل عام 1977 ـــ عُرف بمطرب الثورة، ويُعتبر من أبرز مطربي جيله الذين تركوا وراءهم أغانٍ وطنية، قدم أكثر من 65 أغنية تتعلق بالثورة والعروبة، وكان من أكثر الفنانين الذين عاشوا متضامنين مع الشعب الفلسطيني، سافر إلى غزة تعبيرًا عن التضامن، وغنى في مصر وخارجها لفلسطين والعروبة.
في عام 1960، نشرت مجلة الإذاعة خبرًا عن سفر عبد الحليم حافظ ضمن وفد من الفنانين إلى غزة، حيث كتب الصحفي محمد جلال، رئيس تحرير المجلة، تحت عنوان “يوميات لاجئ قابلته في غزة”، عشت مع هؤلاء في كهوفهم المظلمة وسراديبهم التي تشبه القبور، ولم أكن وحدي بل كنا مجموعة كبيرة من الفنانين والفنانات، وكان من بينهم عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وفريد شوقي وهدى سلطان ومحمد قنديل.
ممكن يعجبك: فاروق فلوكس يطمئن جمهوره بعد أنباء عن وعكة صحية.. أنا بخير ولا داعي للقلق
أبشع مأساة عرفتها البشرية
جاء هؤلاء النجوم ليعيشوا ساعات مع ضحايا أبشع مأساة عرفتها البشرية، ومع بعثة الفنانين في معسكرات اللاجئين، كان عبد الحليم حافظ يحتضن طفلاً صغيرًا يروي قصة المأساة التي يعيشها هو وآلاف الأطفال، فانسابت دموع عبد الحليم على خديه، وهناك فتى آخر اسمه محمد عبد الرحمن روى لعبد الحليم كيف وجد عددًا كبيرًا من أبناء أرض السلام يعانون الحرب مع أقرانهم من أجل قطعة لحم، ورأى بعينيه أسرة تسكن كهفًا صغيرًا بلا ماء أو طعام، فبكى لحالهم حسرة عليهم.
موافقة منظمة فتح للغناء من أجل الفدائيين
كما غنى عبد الحليم حافظ على مسرح قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة عام 1968 بعد أن طلب من المسؤولين عن منظمة فتح والجبهة الشعبية أن يغني من أجل الفدائيين وأسر الشهداء، قابل عبد الحليم وزير الإرشاد المصري محمد فائق وعرض عليه الأمر، فوافق وكلف إذاعة صوت العرب بإذاعة الحفل على الهواء وتسجيله تلفزيونيًا.
بدأ الإعداد للحفل، وتواصل وجدي الحكيم مع الفنانين الذين أبدوا استعدادهم للتبرع بالغناء في الحفل، ومنهم محمد رشدي وشريفة فاضل ومحمد قنديل وفايدة كامل ومحمود شكوكو ولبلبة وأحمد غانم والمطرب الشعبي محمد طه.
قدم الحفل ثلاثة من مذيعي صوت العرب، أمين بسيوني وصلاح عويس وسعد زغلول، وطُبعت تذاكر الحفل بقيمة عشرة جنيهات كتذكار، وتم توزيع 500 تذكرة.
كما قامت فرقة رضا برقصات المعركة بين فقرات الحفل بناءً على طلب الاتحاد العام لطلبة فلسطين، وغنى عبد الحليم قائلاً: يا بلدنا لا تنامي… واجمعي الصف الأمامي / دوري وسط الأسماء… واصفي وراه يا بلدنا، ووجه المسؤولون الفلسطينيون رسالة شكر وتقدير للمطرب الفنان، وردًا عليهم فاجأ عبد الحليم الحفل بإعلانه الاستعداد لتقديم فيلم عن فلسطين لكن القدر لم يمهله.
الغناء للمسيح في لندن
وفي لندن، بقاعة ألبرت هول، وقف عبد الحليم حافظ يغني أنشودة تهاجم همجية الصهيونية في معاملة الشعب الفلسطيني، الذي شبهه الأبنودي بمسيح العصر بعنوان “المسيح” للشاعر عبد الرحمن الأبنودي وتلحين الموسيقار بليغ حمدي، حيث يقول فيها: “يا كلمتي لفي ولفي الدنيا طولها وعرضها / وفتحي عيون البشر للي حصل على أرضها / على أرضها طبع المسيح قدم.. على أرضها نزف المسيح ألم / في القدس في طريق الآلام.. وفي الخليل رنت تراتيل الكنائس / تفضل تضيع فيك الحقوق لإمتى.. يا طريق الآلام / وينطفى النور في الضمير.. وتنطفى نجوم السلام / ولأمتى فيك يمشي جريح.. ولأمتى فيك يفضل يصيح / ابنك يا قدس زي المسيح لازم يعود على أرضها.”
ثم عاد عبد الحليم حافظ عام 1960 بأنشودة “ذكريات” للشاعر أحمد شفيق كامل، وتلحين محمد عبد الوهاب، حيث يقول فيها: “ذكريات.. رجعتني الذكريات للي فات من حكاية لحكايات / ابتدى قلبي الصغير يدور عن جواب لسؤال يحير / إحنا مين في بلدنا ولاّ فين، فين؟ / التقيت رد السؤال الاحتلال، الاحتلال / ظلم وضلال، ظلم وظلال، ظلم، ظلم / والذكريات للي فات رجعتني، رجعتني وفكرتني، وفكرتني الذكريات / أنا شفت العلم البريطاني، بيدنس نسمة أوطاني / منظر حسرني وبكاني، وخلاني كرهت أشوف ثاني / إزاي أوطاني الجبارة، محكومة بقصر وبسفارة / وإزاي في اللد وفي الرملة، كانت العملة مأساة كاملة / استشهد أخويا في أراضيها بين روابيها / وحبيبته، خطيبته منساش لوعتها وكلامها لصورته / إزاي يا حبيبي إزاي غشوك، إزاي بسلاحك بإيديك قتلوك، / أسلحة فسدانة وخسرانة غشنا حكامنا ودسوها.. إزاي.”
وفي أنشودة “الثأر”، كتب أيضًا أحمد شفيق كامل وغنى عبد الحليم حافظ ولحن الموسيقار علي إسماعيل في حفل أضواء المدينة بدمشق بمناسبة قيام الوحدة بين مصر وسوريا، حيث قال: “عايز تارى عايز تارى / يا أخي العربي في كل مكان في الوطن العربي / يا أخي العربي في كل زمان في الوطن العربي / يا أخي العربي ياللي رماك بالغدر وظلمك الاستعمار / يا أخي العربي ياللي طلبت التار وفي إيدك تاخد التار / عايز تارك تار شهداءك.. عايز تنعم بالحرية / يا أخي العربي ياللي اغتصبوا منك أرضك بفلسطين / ياللي العالم نام عن حقك وإحنا مش نايمين.”
في يوليو 1962، طلب عبد الحليم حافظ من الرئيس جمال عبد الناصر عودة القدس لأراضينا في أغنية كتبها أحمد شفيق كامل أيضًا ولحنها كمال الطويل بعنوان “مطالب الشعب”، التي مُنعت إذاعتها في جميع الدول العربية، وارتفع صوته بالمطالب قائلًا: “باسم اللاجئ باسم حقوقه في فلسطين / باسم دمانا بالشهداء الفدائيين / باسم الشعب يا بطل الشعب.. باسم الشعب يا بطل الشعب / باسم الشعب العربي بحاله.. باسم كفاحه وباسم آماله / باسم الشعب اللي انتا حبيبه وحبه في قلبك / باسم تاريخنا ومستقبلنا جاي أطالبك جاي أطالبك / عايزين عايزين يا جمال عايزين.. عايزين عايزين يا أمل ملايين / باسم اللاجئ باسم حقوقه في فلسطين.. باسم دمانا بالشهداء الفدائيين / عايزين عايزين يا أمل ملايين الرجوع الرجوع لأراضينا / نرجع وياك للقدس هناك ولحيفا ويافا تعود بينا / قدها وقدود يا بطل موعود.. يا حبيب الشعب يا ناصر يا ناصر.”
مواضيع مشابهة: موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب.. تفاصيل مهمة لكل محبيها
دقت ساعة العمل في فلسطين
وفي عام 1961، تجدد اللقاء بين عبد الحليم حافظ والآلام الفلسطينية في أغنية “صوت الجماهير” للشاعر حسين السيد وألحان عبد الوهاب، حيث قال: “باسم اتحادنا.. قوم يا كفاحنا قول للصهاينة المعتدين / راية العروبة عرفت نجومها من عام ثمانية وأربعين / خط النار موصول.. والجماهير بتقول.. دقت ساعة العمل الثوري في فلسطين.”
فدائي آخر أغانيه لفلسطين
ممكن يعجبك: محمد العمروسي يكشف موقف إنساني مؤثر مع أحمد آدم بعد أزمة محمود حمدان: زيارته للمستشفى ودعمه المالي