شهدت أسعار الذهب العالمي تراجعًا ملحوظًا خلال الأسبوع الماضي، حيث سجلت أدنى مستوى لها منذ قرابة شهرين، ويعود ذلك جزئيًا إلى تأجيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بشأن التدخل في الصراع القائم بين إيران والكيان الصهيوني، حيث انخفض سعر أونصة الذهب بنسبة 1.9% ليصل إلى 3340 دولار، بعد أن افتتح الأسبوع عند 3440 دولار وأغلق عند 3368 دولار، وقد بلغ أعلى مستوى له خلال الشهرين الماضيين 3451 دولار، وفقًا لتقارير جولد بيليون.

تأثرت الأسواق بتزايد شهية المخاطرة بين المتداولين، بعد إعلان البيت الأبيض يوم الخميس أن ترامب سيحسم خلال الأسبوعين القادمين مسألة تدخل الولايات المتحدة في الحرب الجوية بين إيران والكيان الصهيوني، مما يهدف إلى دفع طهران نحو طاولة المفاوضات، وساهم هذا الإعلان في تخفيف بعض المخاوف من هجوم أمريكي محتمل على إيران، خاصة بعد تقارير سابقة أشارت إلى هذا الأمر، وزادت شهية المخاطرة في الأسواق رغم التصعيد المستمر بين إيران والكيان الصهيوني.

من المهم الإشارة إلى أن حالة التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط تدفع العديد من المتداولين إلى توخي الحذر، مما يجعلهم يتجنبون فتح مراكز شراء أو بيع قوية على الذهب سواء على المدى القصير أو الطويل، وفي سياق آخر، أبقى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى 4.50% خلال اجتماعه هذا الأسبوع، وهو ما يتماشى مع توقعات الأسواق، حيث أشار رئيس البنك جيروم باول إلى أن تأثير الرسوم الجمركية على البيانات الاقتصادية قد يحتاج إلى مزيد من الوقت ليظهر بشكل واضح، ولكنه أكد أن الوضع الحالي يتماشى مع السياسة النقدية المعتمدة ومعدلات الفائدة السارية.

في الوقت نفسه، أظهرت توقعات أعضاء الفيدرالي صورة قريبة من “ركود تضخمي معتدل”، حيث خفضوا توقعاتهم للنمو الاقتصادي هذا العام إلى 1.4% مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 1.7%، بينما رفعوا توقعاتهم للتضخم إلى 3% بدلاً من 2.7% سابقًا، وبالنسبة للفائدة، تمسك الأعضاء بتوقعاتهم بخفضها بمقدار 50 نقطة أساس خلال العام الجاري، لكنهم قلصوا وتيرة خفض الفائدة في العامين القادمين بمقدار 25 نقطة فقط.

ساهمت هذه التغيرات، خاصةً توقعات ارتفاع التضخم وتقليل وتيرة خفض الفائدة على المدى المتوسط إلى الطويل، في دعم قوة الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى، حيث أثر هذا الارتفاع على أداء الذهب سلبًا نظرًا للعلاقة العكسية بينهما، لا سيما وأن الذهب يسعر بالدولار. وكشف تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية في مختلف الدول تتجه نحو تعزيز حيازاتها من الذهب على حساب الدولار ضمن احتياطاتها من النقد الأجنبي خلال السنوات الخمس المقبلة.

استندت هذه النتائج إلى استطلاع شمل 73 بنكًا مركزيًا، حيث أشار 76% من المشاركين إلى نيتهم رفع مستوى احتياطاتهم من الذهب في المستقبل، وهي زيادة ملحوظة مقارنة بـ 69% في استطلاع العام الماضي، بينما توقع نحو 75% من المشاركين انخفاضًا في نسبة الأصول الدولارية في احتياطاتهم مقارنة بـ 62% في العام السابق، وأوضح مجلس الذهب العالمي أن هذا التوجه يأتي نتيجة لعوامل متعددة، أبرزها قدرة الذهب على الصمود في أوقات الأزمات، إضافة إلى دوره الفعال في تنويع الأصول الاستثمارية وكونه وسيلة للتحوط ضد التضخم، مما يجعله خيارًا مفضلًا للبنوك المركزية في ظل الظروف العالمية الراهنة.