
شارك وزير الثقافة والفنان الكبير حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في الجلسة الحوارية الأولى للمعرض العام بعنوان “الفن التشكيلي في عيون السينما”، التي أدارتها الدكتورة إيمان أسامة، القوميسير العام للمعرض، بمتحف الفن المصري الحديث في ساحة دار الأوبرا، بحضور عدد من الفنانين والنقاد والسينمائيين والمهتمين بالفنون التشكيلية وفنون السينما.
أكد الدكتور أحمد فؤاد هَنو أن العلاقة بين الفن التشكيلي والسينما تمثل تكاملًا وإلهامًا متبادلًا، موضحًا أن الفنون التشكيلية تُثري الرؤية البصرية للعمل السينمائي وتمنحه بعدًا جماليًا عميقًا، مشيرًا إلى أن العديد من كبار المخرجين استعانوا بفنانين تشكيليين لتصميم الديكور أو الصورة، مما يسهم في ترسيخ الهوية البصرية للفيلم، كما لفت إلى أهمية تناول جميع روافد الثقافة كالرواية والسينما وغيرها، للسير الذاتية لكبار الفنانين التشكيليين وتقديمها كقصص ملهمة للأجيال المتعاقبة.
اقرأ كمان: يقدم مهرجان الفرق المسرحية الليلة عرض “سينما 30″ و”الإسكافي ملكا”
وفي سياق متصل، اقترح إقامة معرض تشكيلي تكون مفرداته الرئيسية “الفن التشكيلي والسينما”، بالتزامن مع مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وذلك في قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا.
وأوضح هَنو أن هذه الجلسة تفتح نافذة مهمة على وعي جديد بقيمة الفنون التشكيلية كمساحة تلاقٍ بين الإبداع الفردي والرسالة المجتمعية من خلال صناعة السينما، مشددًا على أن الفن التشكيلي المصري، بتاريخ رموزه ورواده، يشكل جزءًا أصيلًا من وجدان الأمة، ويُعد أحد الروافد الأساسية لهويتنا الثقافية، وأكد أن وزارة الثقافة منفتحة على دعم أي أفكار من شأنها تطويع الفنون لخدمة المجتمع من خلال إحداث تفاعلية بناءة، وأن الوزارة تفتح منصاتها لجميع الفنانين التشكيليين والمبدعين من خلال مراكزها الثقافية المنتشرة في الجمهورية، لعرض إبداعاتهم للجمهور المصري، مؤكدًا أن هذه اللقاءات تُسهم في إذكاء الفكر النقدي والتنويري في حقل الإبداع.
وأشار وزير الثقافة إلى أن الثقافة البصرية المتراكمة لدى الفنان التشكيلي تُعد موردًا حيويًا لصانع الفيلم، سواء على مستوى التكوين أو الإضاءة أو اختيار الألوان، لافتًا إلى أن الحس الجمالي المدعوم بالتجريب التشكيلي يُثري التكوينات البصرية ويُضفي على السينما خصوصية وتفردًا، وأوضح أن السينما المصرية شهدت نماذج رائدة جسدت التلاقي بين الفن التشكيلي ومدارسه المتنوعة وبين التناول البصري في السينما، مشيرًا إلى أن هناك أعمالًا تأثرت بشكل واضح بمدارس مثل الانطباعية والتجريدية والسريالية، ونجحت في تحويل الأفكار التشكيلية إلى سرد بصري على الشاشة.
وشدد وزير الثقافة على أهمية فتح قنوات تعاون حقيقية بين القطاعات المعنية بالفنون التشكيلية والمؤسسات السينمائية، لتعزيز تواصل الفنانين مع صُنّاع الصورة، ودعا المعنيين لدعم هذا التوجه والأمل نحو تجسيده في مشروعات مشتركة تُعزز من حضور الهوية البصرية المصرية على الشاشات.
وأشار هَنو إلى أن الوزارة تولي اهتمامًا بالغًا بالقوة الناعمة، وتعمل من خلال قطاعاتها المختلفة على ترسيخ رموزها عبر سياسات ثقافية حديثة، داعيًا إلى توسيع نطاق الاستفادة من خبرات الفنانين المصريين في الداخل والخارج، وربط الأجيال الشابة بجذورها الفنية المتجذرة.
من جانبه، قال الفنان حسين فهمي إن الفن التشكيلي جزء مهم من صناعة السينما عبر تقنيات معينة، فهو عنصر أساسي من مفردات السينما، حيث تتسم عملية تكوين الصورة بأهمية خاصة، وكذلك آليات اختيار الألوان داخل العمل السينمائي وما يرتبط بها من دلالات رمزية تجسد المعنى المقصود منها، وأعرب عن أمله في رؤية عمل سينمائي يتناول السمات الشخصية لرموز الفن التشكيلي عالميًا، مثل بيكاسو وفان جوخ وغيرهما، والغوص في أعماق هذه الشخصيات وتقديمها للمشاهد بصورة جذابة ومشوقة.
وأكد الفنان الكبير حسين فهمي أن الفن التشكيلي ليس مجرد خلفية جمالية داخل العمل السينمائي، بل هو عنصر جوهري في صناعة الصورة البصرية وتشكيل إيقاع المشهد، مشيرًا إلى أن التقاط اللون والضوء والتكوين التشكيلي هو ما يمنح السينما عمقها التعبيري الحقيقي.
من نفس التصنيف: سميرة عبد القادر تنضم إلى ديجيتايزد لتوثيق المطبخ المصري بلمسة مبتكرة
وأوضح فهمي أن السينما مدينة للفن التشكيلي في كثير من أدواتها البصرية، وأن هناك ضرورة ملحة لإنتاج أعمال درامية وسينمائية تتناول حياة الفنانين التشكيليين الكبار، محليًا وعالميًا، بصورة درامية مشوقة تُلقي الضوء على إنسانيتهم وتجاربهم الإبداعية، داعيًا إلى فهم الفنان كحالة إنسانية ووجدانية كاملة، لا فقط كصاحب موهبة تقنية.
تناولت الجلسة عدة محاور، منها: الفنان التشكيلي في عيون الكاميرا في الدراما التليفزيونية والسينما، بين الواقع والخيال: السينما وتزييف صورة الفنان، رمز الفنان كمقاوم ومُعبّر عن المجتمع، أين دور السينما في تأريخ السير الذاتية لرموز الفن التشكيلي المصري والعربي، والسينما التشكيلية: عندما تصبح الصورة السينمائية هي بطلة العمل وأداته، وخلال الجلسة، تم عرض مجموعة من اللقطات لأفلام مختارة تناولت صورة الفنان التشكيلي
يُذكر أن النسخة الـ45 من المعرض ينظمها قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش، ويستمر حتى منتصف يوليو المقبل، بمشاركة 325 فنانًا، وبمجموع أعمال بلغ 420 عملًا في مختلف مجالات الفن التشكيلي.