
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة هامة بعنوان “قانون الإيجار القديم.. المناقشات وسيناريوهات الحلول” لمناقشة التعديلات المقترحة لقانون الإيجار القديم، والوقوف على حجم المشكلة وطبيعتها من خلال تحليل المعلومات والبيانات الأساسية، واقتراح سيناريوهات للحل بما يحقق العدالة الاجتماعية.
قدم المركز تحليلاً شاملاً لقضية الإيجار القديم، حيث تم استعراض الجذور التاريخية والتشريعية للمشكلة منذ عام 1920 وحتى التعديلات الأخيرة، وتحليل الوضع الراهن بالأرقام والإحصائيات، وتقييم مشروع القانون المقترح حالياً بمجلس النواب، وانتهاءً بتقديم رؤية متكاملة وحلول مقترحة لمعالجة القضية.
شوف كمان: سعر أغلى عيار ذهب في يوم 25 يونيو 2025 هو
1.8 مليون أسرة معنية بالإيجار القديم
رصد المركز مجموعة من الحقائق الإحصائية التي تقيس حجم المشكلة، حيث يؤثر القانون على 1.8 مليون أسرة، أي حوالي 6 ملايين فرد، وتتركز المشكلة بشكل كبير في المناطق الحضرية بنسبة 93%، حيث تستحوذ 4 محافظات وهي القاهرة الكبرى والإسكندرية والقليوبية على 82% من إجمالي الحالات.
أكثر من ثلث الأسر المتأثرة بالقانون (35%) تدفع إيجاراً شهرياً أقل من 50 جنيهاً مصرياً، مما يوضح حجم الخلل الاقتصادي، وتبين الإحصاءات أن الغالبية العظمى من الأسر المصرية (86%) يملكون وحدات سكنية، في حين أن 13% من إجمالي عدد الأسر تتأثر بقوانين الإيجار، 7% منهم يقعون تحت طائلة قانون الإيجار القديم.
وفقًا لتعداد عام 2017، يوجد لدينا حوالي 42 مليون وحدة سكنية ما بين إيجار وتمليك، 3 مليون وحدة منها هي عقود إيجار قديم، وهي تمثل حوالي 7.6% من إجمالي الوحدات، مقسمة على استخدامات مختلفة سكنية وغير سكنية.
إنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين
ممكن يعجبك: وزير المالية: 53 ألف طلب اختياري للانضمام إلى المنظومة الضريبية
علقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، قائلة إن جوهر الأزمة يكمن في غياب منهجية واضحة لفهم حجم المشكلة بدقة، مشيرة إلى أن صوت أصحاب المشكلة عالٍ، ولكن الأهم هو معرفة الحكومة لحجم المشكلة حتى يتم تقدير مسؤوليتها بشكل صحيح واتخاذ قرارات سليمة خاصة فيما يخص تعويض المتضررين، موضحة أن الحكومة لم تتعامل مع قضية الإيجار القديم بشكل سليم من خلال تحليل المشكلة ووضع حلول تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والعدالة بين الأطراف.
طرحت عبد اللطيف عدداً من التساؤلات حول مشروع القانون الأخير للإيجار القديم، مثل تحديد فترة إنهاء التعاقد بـ7 سنوات دون توضيح آليات التمديد أو الخروج الآمن، مما يفتح الباب أمام تفسيرات متعددة، وتجاهل الفروق بين الحالات مثل غياب التمييز بين مستأجر دفع “خلو رجل”، وآخر يقيم في العقار منذ عقود دون مقابل مناسب، مما يؤدي إلى غياب العدالة ويضر بشرائح غير قادرة على التعامل مع فجائية الإخلاء مثل أصحاب المعاشات وأصحاب الدخول المنخفضة، كما أعربت عن وجود مخاوف من حيادية لجان الحصر التي نص عليها مشروع القانون، وما هي المعايير التي سيتم بها تشكيل هذه اللجان، وما الذي يضمن تمثيل المتضررين بها، مما يهدد حيادية عملها أثناء التطبيق.
انتقدت عبد اللطيف وضع حلول عامة غير مدروسة، مقابل ما يفترض أن يكون نهجاً مبنياً على “الاستهداف السليم”، القائم على فهم دقيق للمشكلة، وتحليل شامل للبدائل، وتقدير التكلفة والعائد لكل سيناريو، ووضع خطط لتعويض المتضررين، والاستناد إلى حوار مجتمعي ومشاركة جميع الأطراف.
أكدت أن الدولة تعاملت مع الأزمة كـ”تشريع جامد” بدلاً من اعتبارها “سياسة عامة” تتطلب المرور بخطوات التحليل والتقييم والرقابة والمراجعة، مشددة على أن القانون بشكله الحالي لا يصلح إلا بتعويض المتضررين، مما يتطلب معرفة المتضررين بشكل محدد من خلال معلومات وبيانات دقيقة، داعية إلى استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة للوصول إلى هذه الفئات وتحقيق الاستهداف السليم، وعدم تعامل القانون مع جميع الحالات بنفس النصوص.
قدمت عبد اللطيف عدداً من المقترحات التي يمكن أن تعالج الأزمة بشكل فعال وأكثر عدالة، تضمنت أن تأتي اللائحة التنفيذية للقانون معالجة كافة أوجه القصور الموجودة به، على أن يتم عرض اللائحة – قبل إصدارها – على مجلس النواب مرة أخرى في جلسات تضم ممثلين عن الأسر المتضررة، بالإضافة إلى رصد المعلومات المطلوبة عن جميع الحالات المختلفة مثل الحالات التي تم فيها دفع مبالغ كبيرة كـ”خلو رجل” أو خلافه، مع وضع حلول مناسبة لكل منها.
كما اقترحت أن تقوم الدولة بإنشاء صندوق خاص للتعامل مع المتضررين من تعديل القانون، كأصحاب المعاشات، ووضع أولوية في تنفيذ القانون المعدل على الحالات المحسوم أمرها، مثل الوحدات المغلقة أو التي تحتاج إلى صيانة وترميم، وضرورة وجود رقابة فعالة على أعمال لجان الحصر، لضمان الشفافية في تصنيف المناطق، والتأكد من أن التصنيف يتم بحيادية ودون تحيز.
في ختام حديثها، أكدت أن الحل لا يكمن فقط في تحرير العلاقة الإيجارية، بل في تصميم حزمة سياسات متكاملة تضمن تحقيق العدالة، وتراعي الأبعاد الاجتماعية، وتوفر الحماية للفئات الأكثر ضعفاً، مع تحقيق الكفاءة الاقتصادية، وحذرت من أن تجاهل هذه الاعتبارات قد يؤدي إلى “كارثة اجتماعية واقتصادية”، مؤكدة أن الدولة ما زال أمامها فرصة لتدارك الأمر من خلال إعداد لائحة تنفيذية عادلة ومنصفة.
تدخل الدولة لسد الفجوة القائمة
أكد الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، أن أزمة تعديلات قانون الإيجار القديم تمثل حالة نموذجية لتضارب مفهومي العدالة القانونية والاجتماعية، مشيراً إلى أن التشريع المطروح لا يمكن أن يعالج بمادة واحدة واقعاً متشعباً بهذه الدرجة من التعقيد، وقال إن القانون الجديد يخص عدداً محدوداً نسبياً من الأسر من حيث النسبة، لكنه يمس فعلياً حياة ملايين المواطنين، ويؤثر بشكل مباشر على حق أصيل كحق السكن، الذي لا يمكن اعتباره مجرد ميزة مؤقتة، بل هو حق دستوري وإنساني.
شدد بهاء الدين على أن مناقشة القانون لا يجب أن تنطلق فقط من زاوية الحقوق المجردة للملاك أو المستأجرين، بل من ضرورة التوفيق بين مفهومين للعدالة: العدالة القانونية، التي تنص على احترام الملكية الخاصة وحرية التصرف فيها، والعدالة الاجتماعية، التي تحمي حقوق من استقرت أوضاعهم لسنوات بناءً على تشريعات سابقة وظروف اجتماعية واقتصادية لا يمكن إنكارها، وأكد أن الفجوة بين المفهومين هي ما ينتج الانقسام المجتمعي الحاد حول التعديلات المقترحة، مشيراً إلى أن هذا الانقسام طبيعي ويحدث في قضايا مشابهة، مثل قوانين العمل، التي تهدف بالأساس إلى الموازنة بين مصالح متعارضة
أوضح بهاء الدين أن هذه الفجوة لا تُعالج بنص قانوني واحد، بل تحتاج إلى معالجة متدرجة وواقعية تقوم على تصنيف دقيق للفئات المتأثرة، مشيراً إلى وجود حالات متعددة لا يمكن مساواتها، منها مستأجرون مهاجرون لا يقيمون في مصر منذ سنوات، وآخرون يمتلكون عدة وحدات سكنية ويحتفظون بوحدة قديمة بإيجار زهيد، وفي المقابل، هناك فئات محدودة الدخل تعتمد كلياً على هذه المساكن في حياتها اليومية ولا تملك بدائل أخرى، واعتبر أن غياب هذا التمييز داخل مشروع القانون يُعد إحدى ثغراته الجوهرية.
انتقد اقتصار تقسيم المشكلة على نوعية العقارات وليس على أوضاع المقيمين بداخلها، مؤكداً أن الحكومة خطت خطوة متواضعة في محاولة التصنيف لكنها لم تصل إلى لب الأزمة.
كما أكد أن نقص المعلومات الدقيقة عن المستفيدين الحقيقيين أحد أبرز أوجه القصور، رغم توفر أدوات تكنولوجية ومؤشرات واضحة يمكن من خلالها تتبع الأوضاع الاجتماعية للأسر، مثل بيانات التموين، وبرامج الدعم، وفواتير المرافق.
وحذر من أن الشكل الحالي للقانون قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من المنازعات القضائية، لاسيما مع صلاحيات لجان الحصر والتقدير، التي تُعد لجاناً إدارية وقد يُطعن في قراراتها أمام القضاء الإداري، وأشار إلى أن الخلاف حول امتلاك وحدة سكنية إضافية من عدمه، مثلاً، سيفتح باباً كبيراً من التقاضي، وهو ما يتناقض مع ما قيل عن أن التشريع يستهدف تقليل المنازعات.
واقترح بهاء الدين أن تتدخل الدولة لتسد الفجوة القائمة بين العائد الاقتصادي العادل للمالك، وحق المستأجر في استمرار حياته بكرامة، من خلال آلية دعم اجتماعي موجه، معتبراً أن هذا التدخل ليس بدعة، بل سياسة اقتصادية معمول بها في دول العالم كافة، وأكد أن الدعم حين يُوجه لمستحقيه الحقيقيين، فهو أداة ضرورية لضمان استقرار اجتماعي وعدالة مستدامة.
في ختام كلمته، أعرب بهاء الدين عن مخاوفه من أن القانون بصيغته الحالية لن يكون حلاً كافياً، وربما يتطلب تعديلاً بعد ذلك، ودعا إلى منح البرلمان فرصة إضافية لمراجعة المشروع في شكل أكثر مرونة، ربما عبر قانون إطاري يسمح بتطبيق تدريجي وواقعي، يراعي التنوع الشديد في الحالات، ويجنب الدولة موجة صدام قانوني واجتماعي غير محسوب العواقب.
أزمة الإيجار القديم مسؤولية الدولة
أكد المهندس إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بمجلس النواب، أن أزمة الإيجار القديم لا يتحمل مسؤوليتها لا المالك ولا المستأجر، وإنما هي مسؤولية الدولة بالأساس وفقاً لما نص عليه الدستور في المادة 78، التي تلزم الدولة بتوفير مسكن ملائم وصحي وآمن لكل مواطن، وأوضح أن التأخير في تقديم مشروع القانون إلى البرلمان لم يتح الفرصة الكافية للحصول على بيانات دقيقة من الجهات الرسمية، وعلى رأسها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بحجة ضيق الوقت، وهو ما حال دون إعداد قانون أكثر عدالة وواقعية.
وأشار منصور إلى أن عدد الأسر المتأثرة بالإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون أسرة عام 2006 إلى نحو 1.6 مليون أسرة في 2017، وتوقع أن ينخفض العدد إلى 756 ألف أسرة بحلول 2027، وإلى نحو 303 آلاف أسرة بحلول 2032، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، وشدد على أن هذه الأعداد لا تزال تمثل شريحة واسعة من المجتمع لا يمكن تجاهلها، وأن التعامل معها يتطلب تصنيفاً دقيقاً يراعي من هو قادر على الدفع ومن هو غير قادر، مع توفير الدعم اللازم للفئات غير القادرة، مؤكداً أن هذا الدعم يجب أن تتحمله الدولة وليس المالك.
لفت النائب إلى أن مشروع القانون الحالي لم يراع مجموعة من العوامل الأساسية عند تحديد قيمة الأجرة، من بينها مساحة الوحدة، عمر العقار، موقعه، وتاريخ تحرير العقد، وهو ما يؤدي إلى غياب العدالة في التطبيق، وقال إن المساواة بين شقة مساحتها 40 متراً وأخرى مساحتها 400 متر أمر غير منطقي، كما أن عدم التفريق بين العقود القديمة جداً وتلك التي تعود للتسعينيات يُعد ظلماً للمستأجرين الذين دفعوا مقدمات أو خلوا في فترات كان فيها ذلك مقبولاً وغير مخالف للقانون.
انتقد منصور غياب ذكر مسألة الصيانة في مشروع القانون، رغم خطورتها الكبيرة على سلامة المواطنين، مشيراً إلى أن محافظ القاهرة أعلن وجود 5000 عقار في حالة “خطورة شديدة”، بينما في الإسكندرية هناك أكثر من 24 ألف عقار آيل للسقوط، واعتبر أن ما يحصل عليه المالك من إيجارات رمزية لا يكفي لإجراء أي نوع من أعمال الصيانة، مما يهدد حياة السكان، وبالتالي فإن تدخل الدولة في هذا الجانب بات أمراً حتمياً.
كما دعا منصور جهاز التعبئة والإحصاء إلى بدء إجراء المسح الميداني من الآن، بدلاً من الانتظار حتى عام 2027، من أجل الوقوف على أعداد المستأجرين من أصحاب المعاشات أو المستفيدين من برنامج “تكافل وكرامة”، والفئات الأخرى غير القادرة على سداد القيمة الإيجارية الجديدة، مؤكداً أن هذه البيانات هي التي ستحدد مدى قابلية القانون للتطبيق من عدمه.
نائب برلماني: 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات
وأشار إلى أن نحو 33% من مستأجري الوحدات بالإيجار القديم من أصحاب المعاشات، وطرح نموذجاً واقعياً قال فيه إن أحد المواطنين أخبره أن معاشه 2750 جنيها، بينما الإيجار المقترح عليه سيكون 3600 جنيه، متسائلاً “يعمل إيه؟”، وأجاب: “هو ما يعملش.. الدولة هي اللي تعمل”، وأضاف أنه يرى أن الحد الأقصى لما يمكن أن يدفعه صاحب المعاش يجب ألا يتجاوز 15% من قيمة الإيجار، والباقي تتحمله الدولة، مقترحاً تخصيص مليار جنيه سنوياً من الموازنة العامة لهذا الغرض، وهو رقم وصفه بأنه “غير كبير” مقارنة بما يُخصص سنوياً لدعم الإسكان الاجتماعي الذي يتراوح ما بين 10 – 11 مليار جنيه سنوياً
اختتم النائب إيهاب منصور حديثه بالتأكيد على أن القانون بصيغته الحالية يفتقر إلى بعض الأسس التي تضمن عدالة تطبيقه، وأن استمرار تجاهل هذه الجوانب قد يؤدي إلى الحاجة لتعديله خلال عامين، معتبراً أن تحمل الدولة لمسؤوليتها تجاه الفئات غير القادرة هو أمر دستوري لا يجوز التنازل عنه، وأنه سيطرح هذه التعديلات المقترحة في الجلسة العامة لمجلس النواب الأسبوع المقبل.
فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر
أكد الدكتور ماجد عثمان، المدير التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام بصيرة ووزير الاتصالات الأسبق، أن هناك فجوة حقيقية بين البيانات المتاحة وصناعة القرار في مصر، وهو ما ينعكس سلبًا على صياغة السياسات والتشريعات، ومنها مشروع قانون الإيجار القديم، وأوضح أن المعلومات المتوفرة حول ملف الإيجار القديم قليلة، مما يجعل الانطباعات والمصالح الشخصية تتغلب على الحقائق في صناعة القرار.
أشار إلى أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يجري التعداد السكاني كل عشر سنوات، وكان آخر تعداد في 2017، والتعداد المقبل سيكون في مارس 2027، مؤكداً أنه لا يمكن بأي حال تقديم موعد التعداد، وأنه من غير الواقعي الاعتماد على بيانات دقيقة في هذا الملف قبل هذا الموعد، نظراً لطبيعة التحضيرات المعقدة التي تسبق التعداد.
وأوضح أن بعض البيانات المتاحة لا يمكن الاعتماد عليها أيضاً بسبب خلط الإيجار القديم بالجديد في بعض المسوح مثل مسح الدخل والإنفاق، داعياً إلى ضرورة التنسيق مع الجهاز المركزي لضمان دقة التبويب في المسوح المستقبلية.
تحدث عن أهمية النظر للمشكلة من زاويتين: عدد الأسر وعدد الوحدات، مشيراً إلى أن عدد الأسر التي كانت تسكن مساكن بالإيجار القديم في 2017 بلغ نحو 1.6 مليون أسرة، بينما بلغ عدد الوحدات المؤجرة إيجاراً قديماً نحو 3 ملايين وحدة، مما يعني أن هناك نحو 1.4 مليون وحدة غير مستخدمة من قبل أسر بالفعل، إما مغلقة أو احتياطية أو في مدينة أخرى
أكد أن العدالة القانونية تختلف عن العدالة الاجتماعية، فالأولى قد تعتمد على عدد الوحدات، بينما الثانية تعتمد على عدد الأسر المتضررة فعلياً، وهو ما يؤثر على تقدير التكلفة التي قد تتحملها الدولة في حال تدخلها لدعم الفئات غير القادرة.
لفت إلى أن عدد الأسر من المستأجرين بنظام الإيجار القديم انخفض من 2.6 مليون في 2006 إلى 1.6 مليون في 2017، بنسبة تراجع حوالي 37%، ما يعكس انحسار الظاهرة تدريجياً، ووفقاً لحساباته، فإن عدد الأسر التي تسكن إيجاراً قديماً حالياً لا يتجاوز 1.1 مليون أسرة على مستوى الجمهورية، وأوضح أن نسبة الأسر التي كانت تسكن إيجاراً قديماً في 2006 كانت 15%، وانخفضت إلى 7% في 2017، وتعد المشكلة حضرية بالأساس، حيث تصل النسبة في الحضر إلى 15% مقابل أقل من 1% في الريف، مما يعني أن برامج مثل “حياة كريمة” التي تركز على الريف لن تتأثر كثيراً بمسألة الإيجار القديم.
بيّن عثمان أن المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية تضم 84% من الأسر التي تسكن وحدات بالإيجار القديم، مما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع أي حلول أو تقدير التكاليف، كما أشار إلى أن في القاهرة وحدها كانت النسبة 48% من الأسر في 2006 وانخفضت إلى 26% في 2017، أي أن المشكلة رغم استمرارها، تشهد تراجعاً.
شدد على أن ربع المباني تقريباً تم إنشاؤها قبل عام 1996، أي أنها قد تخضع لقانون الإيجار القديم، مؤكداً أن هذه الوحدات السكنية هي محل النقاش حالياً، بينما نحو 75% من المباني تم إنشاؤها بعد صدور القانون الجديد للإيجار.
أكد الدكتور ماجد عثمان أن الدولة يجب أن تتعامل مع الفجوات المعلوماتية بشكل أكثر جدية، مقترحاً أن يبادر مجلس النواب بطلب بيانات تفصيلية من الجهات المعنية لتوفير الأساس اللازم لصياغة تشريعات منضبطة، كما دعا إلى تحديث نتائج التعداد بشكل أكثر انتظاماً، وليس كل 10 سنوات فقط، واقترح تحسين طرق التبويب في نتائج الجهاز المركزي بما يتماشى مع القوانين القائمة، مثل التمييز بين ما قبل وما بعد عام 1996 بدلاً من 2000، وهو ما لا يتطلب تكلفة إضافية.
أشار أيضاً إلى أهمية الاستفادة من قواعد البيانات الحكومية المربوطة رقمياً، مثل ربط بيانات الكهرباء والمياه لتحديد الوحدات غير المأهولة فعلاً، والاستفادة من مشروع الرقم القومي العقاري الذي بدأ منذ سنوات دون أن تظهر نتائجه على أرض الواقع، مشدداً على أن استخدام هذه الأدوات سيساعد في تحقيق العدالة بصورة أدق في معالجة قضية الإيجار القديم.