
أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن مصر اتبعت نهجًا استباقيًا لتعزيز إدارة وإصلاح الديون المستدامة، مستفيدةً من الأدوات المبتكرة والشراكات الاستراتيجية، ومن ضمنها تنفيذ برنامجي مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا، حيث تجاوزت قيمتهما 900 مليون دولار.
وأوضحت الوزيرة في بيانها اليوم أن توقيع الاتفاق الذي يُعتبر الأول من نوعه مع الصين، قد ساهمت هذه البرامج في إعادة توجيه التزامات السداد نحو القطاعات ذات الأولوية مثل الصحة والتعليم والعمل المناخي، مما أدى إلى توافق التمويل الخارجي مع أهداف التنمية الوطنية.
من نفس التصنيف: جهاز العاصمة الإدارية الجديدة يُعلن بفخر بدء تشغيل منظومة جمع المخلفات الصلبة
كما ذكرت أنه في إطار استكمال تلك الجهود، تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل (E-INFS)، التي تمثل نموذجًا لتعبئة التمويل المستدام لسد الفجوات التنموية وتقليل المخاطر المالية والديون المستقبلية.
وأشارت إلى الجهود التي بذلتها الدولة لمبادلة الديون بالاستثمارات من خلال الاتفاق التاريخي مع الإمارات، مما يعزز جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وفي الوقت نفسه، خفضت الأعباء التمويلية، وبالتوازي مع ذلك، عززت مصر ريادتها في مجال التمويل الأخضر من خلال إصدار السندات الخضراء، كما أنها تستكشف المزيد من أدوات التمويل المرتبطة بالاستدامة والتمويل الأزرق، لتنويع مصادر تمويلها ودمج الاستدامة البيئية والاجتماعية بشكل أفضل في محفظة ديونها.
جاء ذلك خلال مشاركتها في جلسة بعنوان “حلول الديون من أجل الصمود والإصلاح: تمويل أجندة 2030 في أفريقيا وخارجها”، التي تنظمها وزارة المالية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمشاركة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وأحمد كجوك، وزير المالية، وذلك ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية بإسبانيا
وركزت الجلسة على أهمية وجود حلول متكاملة لضائقة الديون التي تواجه العديد من الدول النامية، حيث بلغ رصيد الديون الخارجية للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل رقمًا قياسيًا بلغ 8.8 تريليون دولار في 2023، مع نمو الديون قصيرة الأجل بوتيرة أسرع من الالتزامات طويلة الأجل.
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط في كلمتها أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أنفقت 1.4 تريليون دولار على خدمة ديونها في 2023، وباستثناء الصين، بلغ هذا العبء قرابة تريليون دولار، أي ضعف ما كان عليه قبل عقد من الزمن.
وأَضافت أنه قد ازدادت تكلفة الاقتراض بشكل متزايد خاصة في 2023، حيث واجهت الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أسعار فائدة مرتفعة تُعتبر هي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية، فضلاً عن أن أكثر من 60% من الدول منخفضة الدخل تعاني الآن من ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير، وبدون تدخل.
ومن المتوقع أن يتجاوز الدين العام العالمي 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030.
وأكدت “المشاط” على ضرورة أن يكون لدينا نظام مالي عالمي أكثر مرونة وتركيزًا على التنمية، ومنح أجندة الإصلاح الشاملة الأولوية لنهج مبتكر وشفاف وعادل لإدارة الديون السيادية، فضلاً عن أهمية تعزيز آليات شاملة وجامعة لتسوية الديون السيادية كمحرك رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة، وإرساء عمليات عادلة ترتكز على أطر متعددة الأطراف، تُعالج قيود النهج المُجزأ الحالي لتسويات الديون.
وأشارت إلى أهمية إنشاء منصة لتبادل الخبرات والدعم الفني للاستفادة من آليات التمويل المبتكر وبرامج مبادلة الديون من أجل التنمية.
سلّطت الدكتورة رانيا المشاط الضوء على تجربة مصر التي استطاعت أن توازن بين أولوياتها الوطنية والاستفادة من الأدوات المالية المتاحة لدى مؤسسات التمويل الدولية.
ففي عام 2022، أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج “نـُوفّي”، التي تستهدف حشد التمويلات التنموية لتمكين مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية، لا سيما مشروعات التكيف والتخفيف، من خلال آليات التمويل المبتكر، وكذلك أدوات ضمانات الاستثمار، بالإضافة إلى نجاح مصر في الفترة ما بين عامي 2020 ومايو 2025 في حشد ما يقرب من 15.6 مليار دولار لصالح تمويل القطاع الخاص، منها 4 مليار دولار موجهة للمشاركين في مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج “نـُوفّي”.
وأكدت أن تحديث تحليل استدامة الدين Debt Sustainability Analysis يعد عمليةً حاسمةً لتقييم أكثر إنصافًا لقدرات الدول النامية على الوفاء بالتزاماتها المالية الحالية والمستقبلية دون التعرض لأزمة ديون، لما يعكسه من تقييم للوضع الاقتصادي الكلي والوضع المالي للدول وكفاءة إدارتها للديون.
وأضافت أن بنوك التنمية متعددة الأطراف يمكنها تعزيز سيولتها وقدرتها على التمويل من خلال زيادة استخدام حقوق السحب الخاصة من الدول الأعضاء، من خلال آليات مثل أدوات رأس المال المختلط ووسائل دعم السيولة، وغيرها من الحلول المتكاملة والمبتكرة التي يمكن أن تعزز قدرة تلك المؤسسات على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ.
وفي ختام كلمتها، أكدت أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية يمثل فرصةً محوريةً لتحفيز إصلاحات هيكل الدين العالمي، والدفع نحو حلولٍ عادلةٍ تُوائم إدارة الديون السيادية مع أهداف التنمية المستدامة.
….