
يستيقظون مع الساعات الأولى من الفجر، وينطلقون في الغيطان بمختلف قرى ونجوع، مع زقزقة العصافير، رافعين أكف أيديهم إلى السماء، باحثين عن أمل جديد يجعلهم يتمسكون بالحياة، رغم الشقاء والمعاناة تحت أشعة الشمس الحارقة ووسائل المواصلات غير الآدمية التي تنقلهم، في مشهد يعيد للأذهان كارثة الفتيات اللاتي لقين مصرعهن في حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية أثناء ذهابهن لجني العنب.
التقت “أحداث اليوم” عمال مزارع المحاصيل ورحلتهم اليومية مع جني المحصول وسط مخاطر التغيرات المناخية سواء صيفًا أو شتاء، والإصابة بلدغات الحشرات السامة، والإصابات المختلفة بسبب استخدام الآليات في الجني.
مقال مقترح: اكتشف كيفية التقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية لعام 2026 مع رابط مباشر للتسجيل
فرحة الغلابة شغل
قال باسم شحاته عبدالراضي، أحد العاملين في الزراعات: “نعمل منذ عدة سنوات في جني محصول القصب، ونحن نعمل في الزراعات منذ الأجداد وهي متوارثة في عائلتنا “أبا عن جد”، وبالطبع كل مهنة لها شقاها وصعوبتها، لافتًا إلى أن محصول البنجر مثلًا صعوبته في عملية التقليع من الأرض وبعدها التجميع والرفع على مقطورة كبيرة، فأغلب المحصول يسافر، وهو الأمر الذي يحتاج عناية في الرص على المقطورة بشكل يضمن سلامة المحصول حتى الوصول
وأضاف صابر علي محمد، أحد العاملين في الزراعات: “العمل بالنسبة لنا فرحة، يعني كما يقال بالصعيدي هنا “فرحة الغلابة هي الشغل”، فنحن بمجرد الطلب على العمل يكون فرح وعيد لنا، وننتظر الساعات الأولى مع أذان الفجر بكل فرحة من أجل السعي وراء لقمة العيش”
مخاطر العمل داخل الزراعات
وأكد الحسيني محمد عادل، أحد العاملين بالمزارع، أن من أخطر الصعوبات التي تواجهنا هي العمل في ظل التقلبات الجوية المتغيرة في الشتاء، الأمر الذي يجعلنا في كثير من الأحيان نتجمد، والبديل لنا في تلك الأجواء هو الشاي على الكانون، وفي الصيف حرارة الشمس الحارقة.
واستطرد صابر عوني محمد، أحد العاملين في الزراعات، أن الحشرات السامة تجعلنا نخشى طوال الوقت من لدغاتها، خاصة أن أغلب الزراعات بعيدة عن العمران، ومسافات كبيرة للوصول إلى أقرب مستشفى.
من نفس التصنيف: رئيس جامعة عين شمس يعلن عن مكافأة للعاملين بمناسبة انتهاء العام الدراسي
وأشار صابر إلى أن الآليات الحديدية المستخدمة كارثة أيضًا، فهناك بعض المحاصيل مثل الجزر والبنجر وغيرهما تحتاج إلى استخدام آلة حادة كبيرة لتقليع المحصول، وهذا الأمر قد يكلفنا الإصابة أو الموت في بعض الأحيان.
مفيش ضمان اجتماعي أو صحي
وأكد ممدوح عادل، أحد العاملين بالزراعات، أنه لا يوجد أي ضمان اجتماعي أو صحي في حالة الإصابة أو الوفاة، فجميع العاملين بالزراعات غير مسجلين في أي إعانة اجتماعية أو صحية، إلا القليل منا يحصل على معاش “تكافل وكرامة”.
وتابع: “الجميع ينتظر كارثة للعمال في الزراعات مثل كارثة فتيات العنب، ولدينا سيدات يعملن في الزراعات ولكنهن يرفضن الظهور، فالصعيد لديه عادات وتقاليد صعبة في هذا الشأن، نحن دائمًا نعشق البكاء على اللبن المسكوب، مشيرًا إلى أنه يعمل في الزراعات وحاصل على مؤهل دراسي”
سيارات الشحن
قال محمد بدوي، أحد العاملين في الزراعات، إن السيارات التي يتم فيها نقل العمالة غير آدمية، وهي أقرب لنقل الحيوان منها إلى الإنسان، ولكن لا نمتلك رفاهية السيارات الآدمية.
وأشار محمد صبري، أحد العاملين في الزراعات، إلى أن أغلب السيارات متهالكة، بخلاف الطريق الصعب، والشحن في تلك السيارات يشبه شحن الماشية.
واختتم: “ينقلوننا في العربيات زي البهايم، والحمد لله على كل حال، لا بيد حيلة، وده أكل عيش”