دعا وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو إلى تضافر الجهود الدولية لإيجاد أطر تنظيمية ومعايير أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الثقافة والفنون، بما يضمن الحفاظ على أصالة المحتوى واحترام السياقات الثقافية والتاريخية.
جاء ذلك خلال كلمته اليوم في الجلسة الافتتاحية للحوار الإعلامي العالمي، ضمن فعاليات القمة العالمية للإعلام المرئي والمسموع والترفيه (WAVES 2025)، التي انطلقت أعمالها في مدينة مومباي الهندية، بمشاركة رفيعة المستوى من ممثلين عن أكثر من 100 دولة، إلى جانب نخبة من أبرز صانعي المحتوى العالميين وأبرز العقول الرائدة في صناعة الإعلام والترفيه.
وأكد وزير الثقافة أن انعقاد هذه القمة في هذا الوقت يمثل فرصة حاسمة لتبادل الرؤى وبناء شراكات إبداعية مستدامة، في ظل التغيرات التكنولوجية السريعة التي يشهدها العالم حالياً، وحيث تشكل الثقافة ركيزة أساسية لبناء مستقبل أكثر عدلاً وتنوعاً. وأشار إلى أن الهند بما تمتلكه من تراث ثقافي غني وتنوع ثقافي تعد البيئة المثالية لاستضافة هذا المنتدى الدولي الذي يجمع بين الإبداع والابتكار.
وأكد الوزير أن مصر تعتبر الثقافة والفنون ركيزتين أساسيتين للتنمية الشاملة ومحركين فاعلين للتغيير وبناء مجتمعات أكثر عدلاً وازدهاراً. وأشار إلى أن السياسة الثقافية في مصر تركز على تمكين الشباب وتطوير البنية التحتية الثقافية والحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي، باعتبار التراث الثقافي ركيزة أساسية من ركائز الهوية المصرية.
وأشار وزير الثقافة إلى أن التحول الرقمي أحدث نقلة نوعية في إنتاج وتوزيع المحتوى الإبداعي، ويوفر للفئات المهمشة – مثل النساء والشباب في المناطق النائية والأقليات الثقافية والإثنية – أدوات جديدة للتعبير عن الذات من خلال منصات الفيديو والمحتوى الرقمي، دون الحاجة إلى استخدام القنوات التقليدية. وأوضح أن هذا الطفرة التكنولوجية مكنتهم من مشاركة قصصهم وتجاربهم وأصواتهم على المستوى العالمي، مما ساهم في تعزيز التنوع الثقافي والانفتاح على الآخر وفتح آفاق جديدة للابتكار الثقافي.
وشدد وزير الثقافة على أن تعزيز العدالة الثقافية لا يمكن أن يتحقق دون دمج هذه الفئات في صناعة المحتوى، وتزويدها بالأدوات الرقمية والمعرفية اللازمة، ودعمها في الوصول إلى منصات المشاهدة والتوزيع الحديثة. وأوضح أن مصر تولي أهمية خاصة لهذا التوجه وتدعم المبادرات الرامية إلى دمج التكنولوجيا في الفن والثقافة وتوسيع فرص المشاركة.
وفي هذا السياق، حذر الوزير من التحديات المتزايدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، خاصة فيما يتعلق بخطر تشويه أو تزوير التراث الثقافي. قال: “التقنيات الحديثة قادرة على إعادة بناء الصور والأصوات والنصوص لتبدو أصلية. وهذا يفتح المجال أمام محتوى مزيف قد يُغيّر الذاكرة الجماعية ويُشوّه الهوية الثقافية”. وأكد أن هذه الظاهرة تتطلب يقظة جماعية وجهدا دوليا منظما لوضع الضوابط والمعايير لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الثقافة والإنتاج الفني.
وأكد أن مصر على قناعة تامة بأن الثقافة والفن ليستا مجالين منفصلين عن رؤيتها للتنمية، بل هما جزء لا يتجزأ من بناء مجتمع عادل ومزدهر. وعليه، تظل أولويات مصر تركز على الحفاظ على التراث الثقافي وحمايته من الفساد وتعزيز العدالة الثقافية ودمج التقنيات الحديثة لحماية الهوية الثقافية.
وفي ختام كلمته، أعرب الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عميق امتنانه لحكومة الهند ووزارة الإعلام والإذاعة والمنظمين على التنظيم المهني والضيافة الحارة، مما يعكس عمق العلاقات الثقافية بين البلدين. وأشاد بالبنية التحتية المتقدمة لمركز مؤتمرات جيوورلد في مومباي والأجندة المختصرة والشاملة للقمة، مما جعل هذا الحدث منصة عالمية حقيقية للاحتفال بالإبداع والتعاون الثقافي والتكنولوجي في وقت واحد.