شاركت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في جلسة نقاشية مفتوحة أدارتها الدكتورة روبرتا جاتي، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي. وجاءت هذه المناقشة في إطار الفعالية التي نظمها البنك لإطلاق أكاديمية النمو لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وشارك في الاجتماع ممثلون عن عدة دول في المنطقة، بما في ذلك المغرب وإيران وتركيا وتونس والجزائر وجيبوتي ونيجيريا. وتشكل الأكاديمية جزءاً من التحول المنهجي للبنك الدولي إلى بنك للمعرفة يعمل على توسيع نطاق تبادل حلول التنمية والخبرات، ويشكل حوارات عالمية حول تحديات التنمية، ويدعم البلدان، وخاصة البلدان النامية، في مواصلة مسار التنمية في مواجهة التحديات العالمية المعقدة.
وركزت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في كلمتها على الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي من خلال الإصلاحات الهيكلية المختلفة وتحسين الاستخدام الأمثل للموارد وإقامة شراكة مع البنك الدولي لتعزيز النمو المستدام. كما قدمت الخطوط العريضة للآليات اللازمة للانتقال من البلدان المتوسطة الدخل إلى البلدان المرتفعة الدخل. كما قدمت رؤية مصر للانتقال إلى النمو المبني على القطاعات القابلة للتداول والموجهة للتصدير وزيادة معدلات التشغيل من خلال تنفيذ مفهوم التنمية الاقتصادية الوطنية.
صرحت الدكتورة رانيا المشاط أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعمل على خطة تنفيذية شاملة لتحقيق هدف الدولة في تحقيق نمو مستدام يزيد من القدرة التنافسية. وسيتم تحقيق ذلك من خلال نموذج تنمية موحد يرتكز على مزيج متكامل من السياسات والإصلاحات، مع تحديد أهداف كمية واضحة على المدى القصير والمتوسط والطويل. ويأتي هذا استجابة للحاجة المتزايدة إلى صياغة استراتيجية وطنية موحدة للتنمية الاقتصادية من شأنها تحسين الاتساق بين مختلف الهيئات الحكومية والمساعدة في مواءمة الجهود الوطنية حول الأولويات المشتركة، وبالتالي ضمان الاستخدام الأمثل للموارد. كما تعمل على بناء اقتصاد أكثر مرونة وقادر على التكيف بشكل أفضل مع التغيرات العالمية.
وأضافت أن قرارات مهمة تتعلق بالسياسة النقدية والانضباط المالي وسعر الصرف سيتم اتخاذها في مارس/آذار 2024 للتخفيف من التأثير السلبي للأحداث العالمية. وكانت هذه نقطة البداية للعديد من القرارات التي ساهمت في إحداث تحول كبير في محركات النمو.
وتابعت المشاط: “بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي بدأ الناتج المحلي الإجمالي بالتعافي، ولاحظنا انتعاشاً قوياً في قطاع الصناعات التحويلية غير النفطية، وكذلك انتعاشاً في قطاع السياحة، بالإضافة إلى استمرار النمو في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات”.
وتحدثت عن برنامج الإصلاح الهيكلي الوطني الذي تنفذه الحكومة على أساس ثلاثة ركائز رئيسية: تعزيز مرونة واستقرار الاقتصاد الكلي، وتحسين بيئة الأعمال وزيادة القدرة التنافسية الاقتصادية، ودعم التحول الأخضر.
وأكدت أن مصر رغم التحديات العالمية تمتلك حاليا فرصا كبيرة بفضل مميزاتها الجغرافية وعلاقاتها الوثيقة مع أوروبا، الشريك التجاري الأكبر لمصر. كما سلطت الضوء على الفرص المتاحة في مجالات الاستثمار والتصنيع والطاقة المتجددة. وأكدت أن التعاون الدولي يعزز الشراكات الاقتصادية الثنائية والمتعددة الأطراف وبالتالي يساهم في تعزيز النمو والتشغيل.
وقالت المشاط إن العالم يشهد حالياً تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وأن على الدول النامية مواكبة هذه التطورات نظراً لتأثيرها الخطير على فرص العمل، وقدرة الدول على جذب الاستثمار، وقدرتها على التحول إلى اقتصادات منتجة ومبتكرة.
وتحدثت عن أهمية الذكاء الاصطناعي وارتباطه بالعديد من قطاعات التنمية مثل التعليم والصحة والصناعة وغيرها. وأوضحت أن هناك حاليا فروق كبيرة في استخدام الذكاء الاصطناعي في المنطقة. وقد أحرزت بعض البلدان بالفعل تقدما كبيرا وأصبحت رائدة في هذا المجال، في حين أن بلدانا أخرى لا تزال في البداية أو تحاول اللحاق بالركب. وأكدت أنه يجب الاعتراف بأهمية الذكاء الاصطناعي وترجمته إلى استراتيجيات واضحة تعزز جهود التنمية في مختلف القطاعات.
وناقشت بعد ذلك نتائج اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. قدم البنك الدولي إطارًا واضحًا يتضمن خمسة قطاعات رئيسية ينبغي للدول التركيز عليها: البنية الأساسية، والطاقة، والرعاية الصحية، والسياحة، والتصنيع عالي القيمة. وأوضحت أن هذه القطاعات الخمسة مناسبة جداً لدول الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث أن معظمها يتمتع بالقدرة السياحية، والموارد الطبيعية التي يمكن استغلالها في الإنتاج، وفرص كبيرة في مجال الطاقة المتجددة.
وأكدت المشاط أن خلق فرص العمل يعد من أهم أولويات الحكومة المصرية، خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد العالمي. وأكدت أن توفير فرص العمل النوعية يعد من أهم أهداف أي حكومة خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة اليوم.
وأشارت إلى أن عدد الوظائف في مصر يتزايد، وأن الدولة تريد خلق فرص عمل حقيقية ومستقرة من خلال تعزيز الإنتاج المحلي، وهو ما سيساهم في تقليل البطالة خاصة بين الشباب. وأوضحت أن القطاع الخاص يلعب دوراً أساسياً في هذه المرحلة من خلال تحديد المهارات المطلوبة في سوق العمل وبناء شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص لإنشاء مراكز التدريب المهني بناء على الاحتياجات الفعلية.