
ألقى الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الكلمة الرئيسية بمنتدى التأمين البحري في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2025، الذي نظمه اتحاد شركات التأمين المصرية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري IUMI، بحضور فريدريك دينيفل رئيس الاتحاد الدولي للتأمين البحري، واللواء بحري طارق عبدالله، رئيس قطاع النقل البحري بوزارة النقل، وعلاء الزهيري، رئيس اتحاد شركات التأمين المصرية، بالإضافة إلى قيادات الهيئة ولفيف من شركات التأمين العاملة في مصر.
الرقابة المالية: التأمين البحري يؤدي دورا محوريا في تعزيز التجارة الدولية
أوضح الدكتور فريد خلال كلمته أن التأمين البحري يعد الأساس الذي يعتمد عليه أي نمو يحدث في التجارة الدولية، حيث يعزز التكامل الاقتصادي العالمي والتجارة الحرة، نظرًا لدوره الفعال في تقليل المخاطر المرتبطة بنقل البضائع بين الدول، مؤكدًا أن نشأة التأمين البحري كانت عاملًا حاسمًا في تطور حركة التجارة.
مقال له علاقة: عاجل.. الأفريقي للتنمية يدعو مصر لخطة تمويل إنشاء محطات طاقة بقيمة 20 مليار دولار
أكد رئيس هيئة الرقابة المالية أن مصر، نظرًا لموقعها الجغرافي المميز، لعبت دورًا محوريًا في التجارة الدولية تاريخيًا، سواء قبل أو بعد افتتاح قناة السويس، مشيرًا إلى أن أول تشريع مصري ينظم التأمين البحري صدر عام 1888 بعد افتتاح قناة السويس عام 1869، مما جعل مصر مركزًا هامًا للنقل والتجارة البحرية، مع تنامي التجارة الدولية وازدياد المخاطر المرتبطة بالشحن البحري، ثم تلاه أول منتج تأمين بحري محلي في عام 1931.
أضاف أن الهيئة تحرص دائمًا على تحقيق التوازن بين متطلبات الحماية التأمينية والتطورات الاقتصادية بما يسهم في تعزيز قدرات قطاع التأمين، لذلك تم العمل على إصدار قانون التأمين الموحد الذي يعد نقلة نوعية في تطوير الإطار التشريعي المنظم لسوق التأمين المصري، نظرًا لأن أداء شركات التأمين المحلية يمثل العامل الحاسم في تمكين السوق المصري من التفاعل مع الأسواق العالمية، لافتًا إلى أن هذه الشركات تمثل البوابة التي تربط المستثمرين المحليين ونظرائهم الدوليين، وأكد أن الهيئة تعمل بشكل مستمر على تطوير البيئة التنظيمية بما يسهم في تعزيز هذا الدور.
كما جاء ذلك بهدف تعزيز كفاءة وفاعلية القطاع، حيث تضمنت الضوابط الجديدة تحديد الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين، وتم إلزام الشركات برفع رأس المال على مرحلتين ليصل إلى 600 مليون جنيه في المرحلة الثانية، بهدف دعم الملاءة المالية.
شوف كمان: وزير قطاع الأعمال العام يؤكد أهمية المبادرات المشتركة لتعزيز الشراكة بين مصر وأفريقيا
بالإضافة إلى وضع قواعد وضوابط ونسب محددة لاستثمار أموال شركات التأمين وإعادة التأمين، بما يحقق التوازن بين العائد والمخاطر ويعزز من كفاءة إدارة الأصول، وتحديد مواعيد ملزمة لإعداد القوائم المالية وعرضها للشركات العاملة في نشاط التأمين ومجمعات التأمين، بما يرسخ مبادئ الشفافية والحوكمة المالية، وذكر أن وجود رأس مال كافٍ لدى الشركات يتيح لها الاستثمار بشكل أكثر تأثيرًا وكذلك تطوير آليات تقييم المخاطر.
كما أكد الدكتور فريد على أهمية بناء وتطوير قواعد بيانات عن المخاطر المناخية بما يساعد في التخطيط السليم فيما يتعلق بقطاع التأمين، خاصة التأمين البحري المرتبط بالمخاطر المناخية، مشددًا على أن غياب البيانات الدقيقة يعد عائقًا أمام التخطيط الاستراتيجي، تحديدًا فيما يتعلق بانبعاثات الكربون الناتجة عن أنواع الوقود المستخدمة في النقل البحري.
وأضاف أن الهيئة تتابع عن كثب التغيرات المناخية المتسارعة، خاصة في ظل ازدياد وتيرة الكوارث الطبيعية، مشيرًا إلى أن الأحداث التي كانت تقع كل 70 أو 80 عامًا أصبحت تتكرر بشكل أكثر حدة كل 7-8 سنوات فقط، مما يفرض على الجهات التنظيمية وشركات التأمين تحديات جسيمة تتطلب تطوير مستمر لأدوات إدارة المخاطر المناخية بشكل عاجل.
كما شدد رئيس هيئة الرقابة المالية على ضرورة تطبيق مبدأ “المسؤولية المتفاوتة” في التعامل مع تحديات المناخ لربط العدالة مع المسؤولية، من خلال قيام الدول التي استفادت من النمو الصناعي وتسببت في التلوث في الماضي بالمساهمة بشكل أكبر في جهود التخفيف والتكيف مع التغير المناخي لتوفير تمويل للدول النامية للتكيف مع آثار التغير المناخي، مثل بناء البنية التحتية المقاومة للتغيرات المناخية أو تقديم تقنيات الطاقة النظيفة.
وفي سياق متصل، أشار الدكتور فريد إلى أن مصر تشهد اهتمامًا متزايدًا من مستثمرين دوليين، خاصة من دول شرق آسيا وأوروبا، بدراسة إنشاء مصانع جديدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، موجه للتصدير، في ظل توجه عالمي لتنويع سلاسل الإمداد وزيادة الصناعات المعتمدة على مصادر الطاقة النظيفة.
واختتم الدكتور فريد كلمته بالإشادة بالطفرة الكبيرة في مشروعات البنية التحتية وشبكات النقل المختلفة التي شهدتها مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة تحديدًا، والتي تعزز قدرة الدولة في جذب الاستثمارات من خلال التجارة الدولية، لأن التجارة المحلية أصبحت تعتمد على شبكات طرق داخلية ذات كفاءة وجودة مرتفعة مما يزيد من سهولة وحجم تدفقات الاستثمار، مشيرًا إلى أن الهيئة مستمرة في دعم جهود بناء سوق تأمين قوي وفعال، خاصة في مجالات التأمين البحري والتأمين المستدام.