
وافق البرلمان الإيراني أمس على قرار إغلاق مضيق هرمز ردًا على الهجمات الأمريكية على منشآت إيران النووية، مما أثار حالة من القلق والتوتر على الساحتين الإقليمية والدولية وأدى إلى ارتفاع أسعار النفط وارتباك في حركة التجارة العالمية.
رد فعل على التصعيد الغربي
صرح عدد من أعضاء البرلمان الإيراني بأن طهران قد تلجأ إلى إغلاق المضيق الاستراتيجي كرد فعل على ما وصفوه بالتصعيد الغربي والتدخلات المتزايدة في شؤون إيران الداخلية والإقليمية، وهو ما اعتُبر رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
ممكن يعجبك: مصر تؤكد استقلالية مسارها الإصلاحي بعيدًا عن صندوق النقد الدولي
أحد أهم الممرات البحرية
يمثل مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية في العالم لتصدير النفط، حيث يمر عبره ما يقرب من خمس الإمدادات العالمية من النفط يوميًا، وبالتالي فإن أي تهديد بإغلاقه أو تقييد الملاحة فيه يُعد تهديدًا مباشرًا ويؤثر بشكل فوري على أسعار النفط والتجارة الدولية، وقد شهدت الأسواق بالفعل موجة من الترقب والحذر مع ارتفاع أسعار النفط تحسبًا لأي تطور مفاجئ في الموقف الإيراني.
شوف كمان: منتدى الأعمال المصري السويدي يجمع 23 شركة أجنبية تحت رعاية الهيئة العامة للاستثمار
تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة
يرى خبراء أسواق المال أن هذه الأحداث لا تأتي بمعزل عن تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة، وخاصة على خلفية الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران عبر وكلائها في المنطقة، وهو ما دفع طهران لاستخدام ورقة مضيق هرمز كورقة ضغط استراتيجية، وسبق لإيران أن هددت بإغلاق المضيق في أزمات سابقة، لكن الأمر لم يتجاوز حدود التهديد، غير أن الظروف الحالية تبدو أكثر خطورة مع تعدد جبهات التوتر وتشابك المصالح الدولية.
أكثر الممرات حساسية استراتيجية
يعد المضيق أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حساسية استراتيجيًا، فهو يربط بين الخليج العربي وبحر العرب وتحديدًا المحيط الهندي، ويمثل شريانًا حيويًا لحركة ناقلات النفط والتجارة العالمية، إذ تمر عبره قرابة 20% من إمدادات النفط العالمية أي ما يعادل نحو 17 مليون برميل يوميًا، وبالتالي فإن أي إغلاق أو تهديد بإغلاقه يؤثر بشكل فوري وعميق على أسواق الطاقة الدولية وعلى منظومة التجارة العالمية بأكملها.
ارتفاع حاد في أسعار النفط
إغلاق مضيق هرمز سواء كان كليًا أو جزئيًا يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط بسبب توقف الإمدادات أو تعطلها، مما يفرض ضغطًا كبيرًا على الدول المستوردة للنفط، وخاصة تلك التي تعتمد بشكل رئيسي على الخام القادم من الخليج، كما يدفع شركات الشحن والتأمين إلى فرض رسوم إضافية لتغطية المخاطر المتزايدة، ما يرفع تكاليف الشحن ويؤثر بالتبعية على أسعار السلع والمواد الأولية عالميًا، ويؤدي إلى حالة من الارتباك في الأسواق المالية ويزيد من مخاوف التضخم في العديد من الاقتصادات النامية والمتقدمة.
إرباك سلاسل الإمداد العالمية
يتسبب الإغلاق في إرباك سلاسل الإمداد العالمية، خاصة أن العديد من الدول الكبرى مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية تعتمد بشكل كبير على نفط الخليج، وهو ما يدفعها للبحث عن بدائل في أسواق أخرى بأسعار أعلى أو تكاليف لوجستية مضاعفة، مما يزيد العبء على اقتصاداتها الصناعية والتجارية، أما من الناحية الجيوسياسية فإن هذا الإغلاق قد يُفجّر توترات إقليمية ودولية واسعة، إذ تُعد حماية حرية الملاحة عبر المضيق أولوية قصوى للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
استمرار التوترات في المنطقة
في ظل استمرار التوترات في المنطقة تصبح المخاوف أكثر تعقيدًا ليس فقط على صعيد الطاقة، بل أيضًا على التجارة الدولية التي تعتمد على أمن واستقرار هذا الممر الحيوي، فالمضيق لا يمر به النفط فقط، بل أيضًا عدد ضخم من السفن التجارية التي تنقل السلع بين آسيا وأوروبا وأمريكا، مما يعني أن أي تعطيل سيؤثر على حركة البضائع العالمية ويخلق اختناقات كبرى في سلاسل التوريد.
الاقتصاد العالمي
من هنا فإن تأثير إغلاق مضيق هرمز يتجاوز بكثير مجرد ارتفاع أسعار النفط، بل يمتد ليشمل الاقتصاد العالمي بأسره ويزيد من هشاشة النظام التجاري الدولي، خاصة في ظل صراع القوى والنزاعات الإقليمية التي قد تستغل المضيق كورقة ضغط أو أداة في لعبة التوازنات الجيوسياسية.