تكنولوجيا

سر تحت عُمان.. هل يكشف سر حركة القارة الهندية وظهور الهيمالايا؟

في اكتشاف يُعتبر الأول من نوعه، تمكن باحثون من رصد عمود حراري خفي (ghost plume) يرتفع ببطء من تحت سلطنة عُمان، بعد أن ظل مختفيًا لمئات السنين.

تُعرف هذه الأعمدة بأنها كتل من الصخور شديدة الحرارة ترتفع من الأعماق، حيث تبدأ رحلتها بالقرب من الحدود بين نواة الأرض ووشاحها، على عمق يُقدّر بنحو 2,890 كيلومترًا تحت السطح.

تلعب أعمدة الوشاح دورًا محوريًا في تكوين العديد من سلاسل البراكين المنتشرة على سطح الأرض، ويُعتقد أنها أثرت بشكل مفاجئ على مسار القارة الهندية خلال تصادمها مع قارة آسيا قبل عشرات ملايين السنين.

هذا العمود الذي لا يستطيع اختراق القشرة الأرضية السميكة، يمثل نمطًا جديدًا من “أعمدة الستار الأرضي” التي تعمل بصمت في أعماق القشرة الأرضية دون أن تترك أثرًا بركانيًا مرئيًا، وقد نُشرت تفاصيل هذا الاكتشاف في مجلة Earth and Planetary Science Letters العلمية.

اعتمد الفريق البحثي بقيادة الجيوفيزيائي سيموني بيليا على بيانات زلزالية عالية الدقة من شبكة استشعار كثيفة في عُمان، واكتشفوا أن هذا العمود غير النشط بركانيًا – والذي أُطلق عليه اسم “داني” – أثر على حركة الموجات الزلزالية بشكل غير معتاد، مما كشف عن وجوده العميق تحت الأرض.

المثير في الأمر أن هذه الريشة لا تشبه نظيراتها مثل تلك التي كوّنت جزر هاواي، بل لم تترك أي أثر على السطح، ربما بسبب وجودها تحت قشرة قارية سميكة جدًا، ويُعتقد أن النشاط التكتوني في منطقة مكران المجاورة قد محا أي دلائل سطحية كانت موجودة.

من خلال تحليل حركة الصفائح، اكتشف الباحثون أن القارة الهندية غيّرت اتجاهها بشكل حاد بين 40 و25 مليون سنة مضت، وهو ما قد يعود إلى الضغط الجانبي الناتج عن هذه الريشة العميقة.

رغم أن التأثير المباشر على تضاريس المنطقة قد يكون محدودًا، إلا أن الأثر الجيولوجي لهذه الريشة يمكن أن يكون كبيرًا على فهمنا لحركة الصفائح القارية.

يشير هذا الاكتشاف إلى احتمال وجود ريشات “شبحية” أخرى مخفية تحت القارات، خاصة في مناطق مثل إفريقيا التي تمتلك قشرة أرضية سميكة مماثلة، ومع تطور تقنيات الاستشعار الزلزالي، قد نشهد المزيد من الاكتشافات التي تعيد رسم صورة باطن الأرض وقصة تشكّل القارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى