أخبار العرب

جريمة دولية، حكاية إيمان التي انتقلت من خدمة مجتمعها إلى النهاية المأساوية على يد زوجها وأخيه في ألمانيا (صور)

في أحد أزقة مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، وتحديدًا في شارع المتاجر المعروف، كانت إيمان محمد حسن، 34 سنة، تعبر الطريق كل صباح بابتسامة هادئة ووجه يعرفه الجيران بالطيبة، نشأت إيمان في أسرة كبيرة تضم ثمانية أبناء (ثلاثة أولاد وخمس بنات)، حيث كان التعليم والأخلاق في مقدمة أولويات البيت.

أحداث اليوم في منزل أسرة إيمان في بلبيس

زارت كاميرا “أحداث اليوم” منزل العائلة في بلبيس، حيث استقبلنا والد إيمان بوجه مكلوم ودموع لا تجف، وقد رفضت الأسرة الظهور الإعلامي أو التصوير، وأحد أقربائها قال: “ناس كتير تاجرت بقضيتنا وتحدثوا دون معرفة الحقيقة، نحن لا نطلب سوى القصاص واستعادة حضانة الأطفال الثلاثة إلى حضن الجدة والأسرة في بلبيس، أما الأب، فرغم حزنه، يرفض إقامة عزاء، قائلاً: “العزاء بعد القصاص، بنتي قُتلت بدم بارد، ولن أسكت”.

حلم التخرج من آداب الزقازيق

قال والدها، الذي يعاني من جلطة في اليد، لـ”أحداث اليوم”: “ابنتي إيمان تخرجت من كلية الآداب، قسم علم الاجتماع، بجامعة الزقازيق، بتقدير جيد جدًا، وكان حلمها خدمة مجتمعها وبناء أسرة مستقرة، مشيرًا إلى أن “ثروتي كلها في أولادي”، وقد حرصت على أن يتلقى جميع أبنائي تعليماً عالياً، وكانت ابنتي الشهيدة نموذجًا للابنة المثالية: مؤدبة، رزينة، حنونة، ولا تميل إلى الشكوى.

الزواج وحلم السفر للخارج

أضاف: “منذ أكثر من تسع سنوات، تزوجت إيمان من شخص يدعى عبد الرحيم عسكر، رجل صعيدي من محافظة سوهاج، تعرفت عليه عن طريق صديقة لها يكبرها بست سنوات تقريبًا، وكان يحمل مؤهلاً متوسطًا، وقد سافر إلى ألمانيا واستقر هناك بعد زواج سابق من سيدة ألمانية حصل من خلالها على الجنسية الألمانية.”

وأشار الأب إلى أنه بعد زفاف سريع، انتقلت إيمان إلى ألمانيا برفقة زوجها، حيث أقاما في البداية مع شقيقه في منزل واحد، ورزقت بثلاثة أطفال: يونس وآدم ويحيى، جميعهم يحملون الجنسية الألمانية، لكن الحياة هناك لم تكن كما توقعت.

قسوة الغربة وبداية المشاكل والأزمات

وتابع: “تحت قسوة الغربة وتسلط الزوج، بدأت حياة إيمان تتحول تدريجيًا إلى سجن نفسي وجسدي، حيث عُزلت عن العالم، حرمت من التواصل مع أهلها، ومنعت من أي استقلال مادي أو اجتماعي، تعرضت للعنف مرارًا، وتحكم الزوج في تفاصيل حياتها، ورغم كل ذلك، صبرت من أجل أبنائها.”

زيارة عائلية إلى مصر

أضاف أحد أقاربها: “في نهاية عام 2023، وبعد عودتها إلى مصر، طالبت إيمان زوجها بالحصول على نصيبها من الدعم المالي للأطفال، لكن الرد كان صادمًا، حيث تم احتجازها في منزل أسرته بالصعيد، وتحديدًا سوهاج، حيث تم سحب هاتفها المحمول ومنعها من التواصل بأي وسيلة مع أسرتها في مركز بلبيس.”

بعد محاولات شاقة، تمكنت عائلتها من الوصول إليها وأنقذوها، وأعادوها إلى منزل الأسرة، حيث استعادت أوراقها عبر السفارة وسافرت مجددًا إلى ألمانيا.

العودة إلى بيت الزوجية بعد محاولات استرضاء متكررة من الزوج

هناك، لجأت إيمان إلى مركز إيواء للنساء المعنفات وبدأت خطوات قانونية لحماية نفسها وأطفالها، مكثت لعام كامل بعيدًا عن الزوج تحاول ترميم ما تبقى من حياتها، وفي لحظة ضعف أو ربما أمل، قررت العودة إلى بيت الزوجية بعد محاولات استرضاء متكررة من الزوج، لكنها لم تكن تعلم أن تلك الخطوة ستكون الأخيرة.

المكالمة الأخيرة مع أسرتها

وفي نوفمبر 2024، أجرت إيمان مكالمة قصيرة مع شقيقتها أماني ووالدتها، أبدت فيها قلقها وأخبرتهما بأن زوجها أدخل شقيقه من مصر دون علمها، وأضافت: “مش مرتاحة… وحاسة إن في حاجة غلط”، وبعدها انقطع كل شيء.

تواصلت الأسرة مع الزوج عن سبب اختفاء إيمان، فأخبرهم بأنها خرجت من المنزل واختفت في ظروف غامضة تاركة الأطفال، لكن الأسرة لم تصدق روايته وبدأت رحلة البحث عن ابنتهم بمراسلات لوزارة الخارجية والسفارة المصرية في ألمانيا واتصالات وبلاغات، لكن دون جدوى.

بعد سبعة أشهر من الغياب.. العثور على جثمان المصرية إيمان محمد حسن جنوب ميونخ

في 15 يونيو من العام الحالي 2025، عُثر على جثمان إيمان التي فقدت في ظروف غامضة منذ نوفمبر 2024، أي بعد مرور سبعة أشهر تقريبًا على اختفائها، أثناء عملية بحث عن طفل مفقود في إحدى الغابات القريبة من مدينة “تان” الواقعة جنوب ميونخ، حيث قاد أحد الكلاب البوليسية فرق البحث إلى موقع الجثة، وبعد فحص وتحليل الحمض النووي (DNA)، تأكدت السلطات من أن الجثمان يعود للمذكورة.

القبض على الزوج المتهم

ألقت السلطات القبض على الزوج الذي انهار لاحقًا واعترف بالجريمة مؤكدًا تورط شقيقه الذي فر خارج ألمانيا، وكشفت التحقيقات الأولية عن آثار تعذيب على الجثمان، ما يشير إلى أن الوفاة كانت نتيجة عنف بالغ، فيما أصدرت السلطات قرارًا بنقل أبناء إيمان الثلاثة إلى دار رعاية مؤقتًا لحين حسم مصيرهم قانونيًا، في جريمة هزت الجالية المصرية في ألمانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى