
أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي عن تحقيق مصر معدل نمو ملحوظ خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، حيث سجلت نسبة 4.77%، مقارنة بمعدل نمو بلغ 2.2% في الربع نفسه من العام المالي السابق، وهو ما يعد أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ ثلاث سنوات، ويساهم هذا الأداء في رفع معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري إلى نحو 4.2%، مقارنة بنحو 2.4% في الفترة نفسها من العام السابق، ويعكس هذا الأداء القوي تعافيًا مستدامًا ومرونة متزايدة للاقتصاد في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن تعافي نمو الاقتصاد المصري على مدار التسعة أشهر الأولى من العام المالي الجاري يثبت فعالية الإصلاحات التي تنفذها الحكومة على صعيد السياسات الكلية والهيكلية، ودورها في تعزيز قدرة الاقتصاد على الصمود رغم حالة عدم اليقين على المستويين العالمي والإقليمي، مشيرة إلى أن معدلات النمو المُحققة في الربع الثالث تجاوزت التوقعات، نتيجة التطور المستمر في أداء عدد من القطاعات الحيوية، مثل الصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
مواضيع مشابهة: استقرار سعر الجنيه الاسترليني مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 20-6-2025
وأشارت إلى أن هذا الزخم الإيجابي والتعافي في نمو الاقتصاد المصري يتماشى مع الرؤية التي تتبناها الدولة لتحقيق تنمية اقتصادية بقيادة القطاع الخاص، والتحول نحو اقتصاد تنافسي قائم على القطاعات القابلة للتداول والتصدير، مؤكدة أن الدولة تواصل جهودها لترسيخ أسس هذا التعافي من خلال توطين الصناعة وتنفيذ الإجراءات المحفزة لزيادة الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمارات، كما شهد النمو في الربع الثالث من العام المالي الجاري مساهمة متنامية من قطاعات الخدمات المالية، والتأمين، والتشييد والبناء.
وفيما يتعلق بتطور استثمارات القطاع الخاص، شددت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على أن المؤشرات تعكس الدور المتزايد للقطاع الخاص في دفع مسار التنمية، حيث ارتفعت الاستثمارات الخاصة بنسبة 24.2% في الربع الثالث، لتستحوذ على 62.8% من إجمالي الاستثمارات الكلية المنفذة، مما يؤكد تصاعد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ونجاح سياسات الحكومة في توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص في التنمية، إلى جانب التزام الدولة بحوكمة الاستثمارات العامة لإفساح المجال لاستثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
وقد تجلى النمو الذي شهده الربع الثالث في استمرار نشاط الصناعة التحويلية غير البترولية في الانتعاش، محققًا معدل نمو بلغ 16% خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، الذي سجل فيه النشاط انكماشًا بلغ نحو 4%، ويتزامن هذا النمو الملحوظ مع سعي الدولة إلى تكثيف الاستثمارات في القطاع الصناعي باعتباره من القطاعات ذات الأولوية في البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية، وقد ظهر ذلك بوضوح في نمو مؤشر الرقم القياسي للصناعة التحويلية، حيث بلغ 16.03% في المتوسط خلال الربع الثالث، وشهدت عدة صناعات نموًا مرتفعًا، مثل صناعة المركبات ذات المحركات، والملابس الجاهزة، والمشروبات، وصناعة الورق، والمنسوجات، بمعدلات نمو بلغت 93%، 58%، 34%، 20%، 17% على التوالي.
وارتبط النمو الصناعي أيضًا بتحسن ملحوظ في أداء الصادرات، حيث سجلت صادرات السلع تامة الصنع زيادة سنوية بلغت 12.7% خلال الربع الثالث، مما يعزز دور القطاع الصناعي كقوة دافعة للنمو، ويُعد قطاع الملابس الجاهزة أحد الأمثلة البارزة، إذ سجلت صادرات القطاع نموًا سنويًا تجاوز 23% خلال نفس الفترة، مستفيدًا من التحولات في خريطة التجارة العالمية وزيادة الطلب الخارجي، وهو ما يعكس مرونة قطاع الملابس الجاهزة وقدرته على الاستجابة السريعة للطلب العالمي.
كذلك استمرت عدة قطاعات اقتصادية في تحقيق معدلات نمو إيجابية خلال الربع الثالث، حيث سجل نشاط السياحة، ممثلاً في المطاعم والفنادق، معدل نمو بلغ 23% نتيجة تزايد تدفق أعداد السائحين الذي ناهز 4 مليون سائح، وقد ارتفع أيضًا عدد الليالي السياحية إلى 41 مليون ليلة خلال الربع.
كما حققت أنشطة الوساطة المالية، والتأمين، والكهرباء، والخدمات الاجتماعية، والتشييد والبناء معدلات نمو موجبة ومرتفعة بلغت 17.34%، 7.7%، 5.76%، 4.63%، 3.13% على التوالي، وهو ما يعكس تنوع مصادر نمو الاقتصاد المصري الذي يتوافق مع رؤية الدولة للتنويع الهيكلي للاقتصاد ودفع معدلات التنمية في جميع القطاعات.
وعلى صعيد آخر، شهد نشاط قناة السويس تراجعًا بنسبة 23.1% خلال الربع، وإن كان بمعدل متناقص عما كان عليه في الربع المناظر الذي انكمش فيه النشاط بنسبة 51.6%، على خلفية بداية أزمة تراجع أعداد السفن المارة عبر قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية التي أثرت سلبًا على إيرادات القناة حتى الآن، كما استمر ناتج قطاع الاستخراجات في التناقص، حيث تراجع بنسبة 10.38% نتيجة لانكماش نشاطي البترول والغاز الطبيعي خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، فقد تراجع نشاط البترول بنسبة 9.52%، كما انكمش نشاط الغاز الطبيعي بنسبة 20.5%، إلا أنه من المتوقع أن يكتسب الاستثمار في الاكتشافات الجديدة وتطوير الحقول زخمًا خلال الفترة المقبلة، مما سيدعم القدرة الإنتاجية المستقبلية ويساهم في الحد من وتيرة تراجع أداء القطاع.
على جانب الإنفاق، حظي النمو بدعم ملحوظ من صافي الصادرات، التي ساهمت بنحو 2.7 نقطة مئوية في إجمالي النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي، وجاءت هذه المساهمة الإيجابية مدفوعة بالتوسع القوي في صادرات السلع والخدمات، حيث ارتفع إجمالي الصادرات بنسبة 54.4%، متجاوزًا بشكل كبير الزيادة المسجلة في الواردات والبالغة 18.7%، بينما ساهم الإنفاق الحكومي بنحو 0.27 نقطة مئوية.
كما تسارعت وتيرة الاستثمار الخاص بالأسعار الثابتة بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، متجاوزًا الاستثمار العام للربع الثالث على التوالي، ومستحوذًا على نحو 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة، إلا أن هذا النمو لم يكن كافيًا لتعويض التراجع الحاد في الاستثمار العام، والذي انكمش بنسبة 45.6% مقارنة بالربع المناظر من العام السابق بالأسعار الثابتة، ونتيجة لذلك، جاءت مساهمة الاستثمار في النمو الاقتصادي سالبة، حيث خصمت نحو 2.44 نقطة مئوية من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، في المقابل، واصلت حصة الاستثمار العام تراجعها لتسجل 37.2%، مما يعكس جهود الدولة لإعادة هيكلة الإنفاق الاستثماري، وترشيد الاستثمارات العامة، والتوجه المتزايد نحو تعزيز دور القطاع الخاص.
كما تؤكد المؤشرات الدورية استمرار تحسن النشاط الاقتصادي في مصر خلال الربع الثالث، حيث يشير مؤشر مديري المشتريات إلى استمرار تعافي نشاط القطاع الخاص، إذ سجل مؤشر مديري المشتريات 50.7 نقطة، وهو أعلى مستوى له في 50 شهرًا، وفي فبراير استمر تواجد المؤشر فوق مستوى الحياد ليسجل 50.1 نقطة، مشيرًا إلى استمرار تحسن أداء القطاع الخاص غير المنتج للنفط، ورغم تراجع طفيف في مارس إلى 49.2 نقطة، ظل المؤشر قريبًا من المستوى الحيادي، مما يشير إلى استقرار نسبي في نشاط القطاع الخاص واستمرار اتجاه التعافي.
استمرارًا لهذا الزخم، وفي سياق جهود الدولة لتعزيز مسار التعافي الاقتصادي وترسيخ دعائم النمو المستدام، اعتمد مجلس النواب خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026 في يونيو 2025، بعد عرضها في 15 أبريل من نفس العام، مستهدفةً معدل نمو يبلغ 4.5%، وقد راعى مشروع الخطة استمرار الالتزام بالسقف المُحدد للاستثمارات العامة عند نحو 1.154 تريليون جنيه في العام المالي 2025/2026، في إطار جهود الدولة لترشيد وحوكمة الإنفاق العام، مما يعزز من استقرار الاقتصاد الكلي، ويسهم في تعظيم دور القطاع الخاص وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتمويل المشروعات التنموية، وركزت الخطة بشكل خاص على تعزيز قطاعات التنمية البشرية، حيث خُصص نحو 47% من استثمارات الخزانة العامة للدولة لقطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، ويعكس هذا التوجه إيمان الدولة الراسخ بأهمية الاستثمار في رأس المال البشري باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
ورغم استمرار حالة عدم اليقين العالمية، تظل المؤشرات الأولية إيجابية بشأن نمو الناتج المحلي الإجمالي المصري خلال العام المالي 2024/2025، حيث يُتوقع أن يحقق الاقتصاد المصري معدل نمو أعلى من المعدل المستهدف البالغ 4%، مدعومًا بزيادة الاستثمارات الخاصة والانتعاش الملحوظ في القطاع الصناعي، إذ بلغ متوسط النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام نحو 4.2%، مما يعكس تحسنًا تدريجيًا يفوق التوقعات في أداء الاقتصاد الحقيقي.
ممكن يعجبك: سعر الحديد اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 الطن بـ40 ألف جنيه
وعلى الرغم من اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران في 13 يونيو 2025، وما صاحبها من مخاوف أولية بشأن اتساع نطاق التوترات الإقليمية وتداعياتها المحتملة على الأسواق العالمية، فقد جاءت التأثيرات الفعلية على أسواق النفط والسلع والأسواق المالية العالمية أقل حدة من المتوقع، وقد ساهم هذا في دعم قرار الإبقاء على مستهدفات النمو دون تعديل للعام المالي 2025/2026، وفقًا لتقديرات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف تحقيق معدل نمو يبلغ نحو 4.5%، مع الاستمرار في متابعة التطورات الجيوسياسية وتقييم آثارها المحتملة على النشاط الاقتصادي.
مواضيع مشابهة: اكتشف الآن فرصة مذهلة لسحب أموالك فورًا مع مفاجأة جديدة حول سكن لكل المصريين 7 وموعد التقديم.