اقتصاد

تواجه الدول تحديًا كبيرًا يتمثل في فجوة تمويلية تقدر بنحو 4.2 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030

أكد الدكتور، أمين عام اتحاد الغرف العربية، خلال جلسة عمل رفيعة المستوى بعنوان: “إطلاق العنان لريادة الأعمال والابتكار من خلال الشمول المالي الذكي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، في إطار المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية (FFD4)، الذي عُقد في 3 يوليو 2025 في مدينة اشبيليه الإسبانية، بمشاركة غونتر بيغر، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، وهاشم حسين، رئيس مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا التابع للمنظمة، ومعالي الشيخ إبراهيم آل خليفة، رئيس مجلس أمناء المركز الدولي لريادة الأعمال، وأمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح، بالإضافة إلى حضور قادة عالميين من رؤساء دول وحكومات ووزراء وممثلين عن الحكومات ومنظمات دولية وإقليمية ومؤسسات مالية وشركات ومنظمات مجتمع مدني، أن “العالم يواجه فجوات تمويلية غير مسبوقة تُقدر بنحو 4.2 تريليون دولار سنويًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، ومع ذلك لا يكمن الحل في المساعدات أو التمويل التقليدي فقط، بل يتطلب حشد منظومات تُطلق العنان لمواهب رواد الأعمال وطموحاتهم وإبداعاتهم، خاصة الشباب والنساء، من خلال أدوات تمويل أكثر ذكاءً وتكاملًا وقائمة على التكنولوجيا”.

وأوضح أمين عام الاتحاد أن اتحاد الغرف العربية يلعب دورًا محوريًا في تعزيز دور القطاع الخاص كشريك في أجندة تمويل التنمية، من خلال كونه جسرًا استراتيجيًا بين الحكومات والمستثمرين والشركات، وفي هذا السياق يساهم الاتحاد في تعزيز تدفقات الاستثمار الإقليمية عبر تشجيع إنشاء منصات استثمارية مشتركة تجذب رؤوس الأموال من صناديق الثروة السيادية العربية وبنوك التنمية والأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، وتدعم هذه المنصات المشاريع التي تتماشى مع استراتيجيات التنمية الوطنية، بما في ذلك البنية التحتية والطاقة المتجددة والأعمال الزراعية.

كما يعمل الاتحاد مع الحكومات العربية للدعوة إلى إصلاحات تنظيمية تقلل من مخاطر الاستثمار، لا سيما الإصلاحات المتعلقة بحقوق الملكية والضرائب والتجارة عبر الحدود وحل النزاعات، وهي إصلاحات ضرورية لإطلاق العنان لرأس المال الخاص طويل الأجل، فوفقًا لتقرير تمويل أهداف التنمية المستدامة العربية لعام 2024 الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، فإن تحسين مناخ الاستثمار يمكن أن يضيّق فجوة التمويل الإقليمية المقدرة بنحو 570 مليار دولار سنويًا.

ونوّه الدكتور خالد حنفي إلى أن “اتحاد الغرف العربية يدافع عن أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تُوجه رأس المال الخاص نحو مشاريع البنية التحتية العامة والتنمية الاجتماعية، حيث تُعد هذه الشراكات حيوية لقطاعات مثل تحول الطاقة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والتعليم، وهي قطاعات جوهرية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإلى جانب ذلك يدعم الاتحاد منصات التكنولوجيا المالية والاستثمار الرقمي التي تُسهل الوصول إلى التمويل وتربط المستثمرين بالمشاريع عالية التأثير، خاصة في الأسواق التي تعاني من نقص الخدمات”.

ورأى أن “لدى الحكومات في المنطقة العربية فرصة هائلة لإطلاق العنان لريادة الأعمال والابتكار كمحركين للنمو المستدام، ولتحقيق ذلك يجب إطلاق منظومات وطنية شاملة لتمكين رواد الأعمال، حيث يُعدّ تبسيط إجراءات تسجيل الأعمال والترخيص والضرائب أمرًا أساسيًا، وقد شهدت الدول التي طبّقت نماذج “الشباك الواحد” وبوابات الحكومة الإلكترونية انخفاضًا كبيرًا في وقت وتكلفة بدء الأعمال، كما ينبغي على الحكومات توسيع نطاق الوصول إلى رأس المال المستدام من خلال توسيع نطاق برامج ضمان الائتمان لتقليل مخاطر الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب دعم نمو الاستثمار المؤثر ورأس المال المخاطر وأدوات التمويل الإسلامي”.

وكذلك تشجيع تطوير منصات التكنولوجيا المالية ونماذج التمويل الجماعي، حيث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تحصل سوى 8% من الشركات الصغيرة والمتوسطة على قروض رسمية، بينما لا تحصل سوى 6% من الشركات المملوكة للنساء على ائتمان رسمي، مقارنةً بـ 11% من الرجال، وذلك وفقًا لمؤسسة التمويل الدولية، في حين تشارك 18% فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة العربية في التجارة عبر الحدود، مما يحد من النمو والتوسع، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى وجود تمويل شامل، كما ولا بدّ من دمج ريادة الأعمال والمهارات الرقمية في أنظمة التعليم الوطنية مع توسيع برامج التدريب التقني والمهني.

واعتبر الدكتور خالد حنفي أن “الشركات الصغيرة ورواد الأعمال بحاجة إلى توسيع نطاق أعمالهم، ومن هذا المنطلق ينبغي على الحكومات إزالة الحواجز غير الجمركية ومواءمة اللوائح وتوسيع نطاق الوصول إلى التجارة الإلكترونية الإقليمية وأنظمة الدفع الرقمية، كما ينبغي تحفيز ريادة الأعمال العابرة للحدود وخدمات التصدير التي يقودها الشباب من خلال تبسيط الجمارك والمنصات الرقمية”.

وختم أمين عام الاتحاد الدكتور خالد حنفي بالقول إن “إذا كنا جادين في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فعلينا أن نكون جادين بالقدر نفسه في تمكين رواد الأعمال ليصبحوا فاعلين في التغيير، لكن الأمر لا يمكن لمؤسسة واحدة تحقيقه بمفردها، ولأجل ذلك يجب أن تكون هناك أجندة لتمويل التنمية مشتركة بين الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات التنمية والمجتمع المدني، فريادة الأعمال ليست فجوة يجب سدّها، بل هي قوة يجب إطلاقها، والشمول المالي لا يتعلق بالإحسان بل يتعلق بالكرامة والوصول إلى الموارد والإنصاف، والابتكار ليس غاية في حد ذاته بل هو طريق نحو مستقبل أكثر عدلاً وديناميكية واستدامة، لذا فإن المطلوب هو التزام مشترك لتحويل الطموح إلى عمل وضمان أن يصبح الابتكار وريادة الأعمال محركات فرص حقيقية للجميع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى