اقتصاد

محيي الدين: نجاح العمل المناخي مستقبلاً يعتمد على تحويل التعهدات إلى تمويل

ضرورة إصلاح أطر استدامة الديون لتحقيق أهداف التنمية

أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، والذي يتولى رئاسة فريق الخبراء رفيعي المستوى لتقديم حلول لأزمة الدين العالمي، على أهمية إنشاء نظام مالي عالمي يتمتع بالعدالة والاستدامة لمواجهة التحديات المتعلقة بالمناخ والديون، مع ضرورة إعطاء الأولوية للتمويل الميسر الذي يدعم أهداف المناخ.

جاءت هذه التصريحات خلال اليوم الرابع من منتدى التنمية (FfD4) المنعقد في إشبيلية، حيث تضمنت ثلاث جلسات محورية تناولت إصلاح النظام المالي الدولي، وتعزيز أدوات التمويل المناخي، وإعادة التفكير في استدامة الديون كشرط للنمو الشامل.

من التعهدات إلى التقدم: إصلاح التمويل المناخي

شارك محيي الدين في جلسة نظمتها مبادرة سياسات المناخ (CPI) تحت عنوان “من التعهدات إلى التقدم: عرض بوصلة إصلاح التمويل المناخي”، حيث ألقى الضوء على التحديات الرئيسية التي تعوق تحويل التعهدات المناخية إلى نتائج ملموسة، مشيرًا إلى تشرذم قنوات التمويل، وضعف الربط بين الالتزامات العالمية والأولويات الوطنية، وغياب المعايير الموحدة لقياس أثر التمويل المناخي.

وأكد أن أداة “بوصلة إصلاح التمويل المناخي” التي أطلقتها مبادرة سياسات المناخ تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة، حيث توفر إطارًا عمليًا لرصد التقدم وتحديد الجهات المسؤولة، ومواءمة التدفقات المالية مع أولويات المناخ والتنمية الوطنية.

كما أشار إلى أهمية التوجه نحو التمويل الإقليمي والمحلي، مع الحفاظ على التنسيق الدولي، من خلال منصات مثل المنصات الإقليمية للمشروعات المناخية، وتبني أدوات مثل السندات الخضراء، ومبادلة الديون مقابل الطبيعة، وآليات التمويل المختلط.

إعادة التفكير في استدامة الديون لتحفيز النمو.

وفي جلسة نظمها معهد الأمم المتحدة لبحوث السياسات الإنمائية (UNU-WIDER) بعنوان “إعادة التفكير في استدامة الديون لتحفيز النمو”، أكد محيي الدين أن الاستدامة المالية لا تعني فقط القدرة على سداد الديون، بل يجب أن تعكس قدرة الدول على تحقيق التنمية المستدامة وأهداف المناخ.

واستعرض محيي الدين ثلاثة محاور رئيسية لرؤية جديدة للتمويل في القرن الحادي والعشرين، أولها توسيع نطاق إعادة هيكلة الديون ليشمل الدول متوسطة الدخل المتعثرة، وتبني آليات تعليق السداد التلقائية أثناء الأزمات، وثانيها دمج مرونة المناخ في تقييمات استدامة الديون، وتوسيع استخدام أدوات مثل السندات المرتبطة بالاستدامة، أما المحور الثالث فيختص بزيادة التمويل الميسر وطويل الأجل من خلال إصلاح كفاية رأس المال في البنوك التنموية، وتفعيل حقوق السحب الخاصة، وتبني أدوات التمويل المبتكرة.

ودعا إلى تعزيز الحوكمة والشفافية لضمان الثقة بين المواطنين والأسواق، وإرساء أولويات الاستثمار بما يعزز النمو والعدالة الاجتماعية.

الإصلاحات المطلوبة لنظام مالي عالمي يخدم المناخ والتنمية.

أشار الدكتور محيي الدين إلى مجموعة من الإصلاحات العاجلة لجعل النظام المالي العالمي أكثر استجابة لاحتياجات المناخ والتنمية، وعلى رأسها إعطاء أولوية أكبر للتمويل الميسر، وتسهيل الوصول إلى التمويل المناخي من خلال تبسيط الشروط وتسريع الإجراءات، وإصلاح أطر استدامة الديون لتراعي أهداف التنمية وليس فقط المؤشرات المالية.

وأضاف أن الإصلاحات يجب أن تشمل تعزيز أدوات التمويل المبتكر مثل صفقات مبادلة الديون من أجل الطبيعة أو المناخ، وضمانات القروض، وآليات خفض المخاطر، بالإضافة إلى زيادة التمويل المتاح للتكيف المناخي، الذي لا يزال أقل تمويلًا مقارنة بأنشطة التخفيف من الانبعاثات.

كما دعا محيي الدين إلى إنشاء منصات وطنية للاستثمار في المناخ تربط بين تعهدات القمم الدولية ومشروعات قابلة للتمويل والتنفيذ على أرض الواقع.

نحو COP30: من الالتزامات إلى التنفيذ

في ختام مشاركاته، أوضح الدكتور محمود محيي الدين أن نجاح العمل المناخي في السنوات المقبلة سيُقاس بمدى تحول التعهدات إلى تمويل فعلي منظم وشفاف.

وقال إن ما يمنحنا الأمل هو الزخم العالمي المتزايد نحو العدالة والإصلاح والمساءلة، مشيرًا إلى أن مؤتمر (COP30) يمثل فرصة حقيقية لترسيخ ربط التمويل بالعدالة المناخية والتنموية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى